قلنا: لا يبقى لحكم العقل بالنفي بعد ورود صيغة الأمر حكم فإنه معين للوجوب عند قوم فلا أقل من احتمال حصل الشك في كونه ندبا فلا وجه إلا التوقف نعم يجوز الاستدلال به على بطلان قول من يقول أنه منهي عنه محرم لأنه ضد الوجوب والندب جميعا
الشبهة الثانية التمسك بقوله عليه السلام "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا" ففوض الأمر إلى استطاعتنا ومشيئتنا وجزم في النهي طلب الانتهاء
قلنا هذا اعتراف بأنه من جهة اللغة والوضع ليس للندب واستدلال بالشرع ولا يثبت مثل ذلك بخبر الواحد لو صحت دلالته كيف ولا دلالة له إذ لم يقل فافعلوا ما شئتم بل قال: ما استطعتم كما قال : { فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن:16] وكل إيجاب مشروط بالاستطاعة وأما قوله فانتهوا كيف دل على وجوب الانتهاء وقوله فانتهوا صيغة أمر وهو محتمل للندب ؟
شبه الصائرين إلى أنه للوجوب:
وجميع ما ذكرناه في إبطال مذهب الندب جار هاهنا وزيادة وهو أن الندب داخل تحت الأمر حقيقة كما قدمناه ولو حمل على الوجوب لكان مجازا في الندب وكيف يكون مجازا فيه مع وجود حقيقته إذ حقيقة الأمر ما يكون ممتثله مطيعا والممتثل مطيع بفعل الندب ولذلك إذا قيل أمرنا بكذا حسن أن يستفهم فيقال أمر إيجاب أو أمر استحباب وندب؟ ولو قال رأيت أسدا لم يحسن أن يقال أردت سبعا أو شجاعا ؟لأنه موضوع للسبع ويصرف إلى الشجاع بقرينة