كالألفاظ المشتركة
فإن قيل :أليس قوله لا تفعل أفاد التحريم ؟فقوله :إفعل ينبغي أن يفيد الإيجاب
قلنا :هذا قد نقل عن الشافعي والمختار أن قوله لا تفعل متردد بين التنزيه والتحريم كقوله إفعل ولو صح ذلك في النهي لما جاز قياس الأمر عليه فإن اللغة تثبت نقلا لا قياسا
فهذه شبههم اللغوية والعقلية
أما الشبهة الشرعية فهي أقرب فإنه لو دل دليل الشرع على أن الأمر للوجوب لحملناه على الوجوب لكن لا دليل عليه
وإنما الشبهة الأولى قولهم: نسلم أن اللغة والعقل لا يدل على تخصيص الأمر بالوجوب لكن يدل عليه من جهة الكتاب قوله تعال {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} ]النساء: من الآية59[ثم قال {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ } ]النور: من الآية54[وهذا لا حجة فيه لأن الخلاف في قوله{ وَأَطِيعُوا }]النساء: من الآية59[قائم أنه للندب أو الوجوب وقوله {فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ } ]النور: من الآية54[أي كل واحد عليه ما حمل من التبليغ والقبول وهذا إن كان معناه التهديد والنسبة إلى الأعراض عن الرسول عليه السلام فهو دليل على أنه أراد به الطاعة في أصل الإيمان وهو على الوجوب بالاتفاق وغاية هذا اللفظ عموم فنخصه بالأوامر التي هي على الوجوب
وكل ما يتمسك به من الآيات من هذا الجنس فهي صيغ أمر يقع النزاع في أنه للندب أم لا فإن اقترن بذكر وعيد فيكون قرينة دالة على وجوب ذلك الأمر خاصة فإن كان أمرا عاما يحمل على الأمر بأصل الدين وما عرف بالدليل أنه على الوجوب
وبه يعرف الجواب عن قوله تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ } ]الحشر: من الآية7[ وقوله تعالى{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ} ]المرسلات:48[وقوله تعالى {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}