كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

]النساء: من الآية65 [فكل ذلك أمر بتصديقه ونهى عن الشك في قوله وأمر بالانقياد في الإتيان بما أوجبه
الشبهة الثانية: تمسكهم بقوله:{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ]النور: من الآية63[
قلنا: تدعون أنه نص في كل أمر أو عام ؟ولا سبيل إلى دعوى النص وإن ادعيتم العموم فقد لا نقول بالعموم ونتوقف في صيغته كما نتوقف في صيغة الأمر أو نخصصه بالأمر بالدخول في دينه بدليل أن ندبه أيضا أمره ومن خالف عن أمره في قوله تعالى {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً } ]النور: من الآية33[ وقوله {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ } ]البقرة: من الآية282[وأمثاله لا يتعرض للعقاب
ثم نقول: هذا نهي عن المخالفة وأمر بالموافقة أي يؤتى به على وجهه إن كان واجبا فواجبا وإن كان ندبا فندبا والكلام في صيغة الإيجاب لا في الموافقة والمخالفة ثم لا تدل الآية إلا على وجوب أمر الرسول عليه السلام فأين الدليل على وجوب أمر الله تعالى ؟
الشبهة الثالثة : تمسكهم من جهة السنة بأخبار آحاد لو كانت صريحة صحيحة لم يثبت بها مثل هذا الأصل وليس شيء منها صريحا
فمنها: قوله عليه السلام لبريرة وقد عتقت تحت عبد وكرهته لو راجعتيه فقالت :بأمرك يا رسول الله ؟فقال: لا إنما أنا شافع فقالت :لا حاجة لي فيه فقد علمت أنه لو كان أمرا لوجب وكذلك عقلت الأمة
قلنا :هذا وضع على بريرة وتوهم فليس في قولها إلا استفهام أنه أمر شرعي من جهة الله تعالى حتى تطيع طلبا للثواب أو شفاعة لسبب الزوج حتى تؤثر غرض نفسها عليه

الصفحة 77