كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

حملتها الأمة على الندب أكثر فإن النوافل والسنن والآداب أكثر من الفرائض إذا ما من فريضة إلا ويتعلق بها وبإتمامها وبآدابها سنن كثيرة أو نقول هي للإباحة بدليل حكمهم بالإباحة في قوله { فَاصْطَادُوا } ]المائدة: من الآية2[وقوله :{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ } ]الجمعة: من الآية10[وإن كان ذلك للقرائن فكذلك الوجوب
فإن قيل :وما تلك القرائن؟
قلنا: أما في الصلاة فمثل قوله تعالى {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} ]النساء: من الآية103[وما ورد من التهديدات في ترك الصلاة وما ورد من تكليف الصلاة في حال شدة الخوف والمرض إلى غير ذلك
وأما الزكاة فقد اقترن بقوله تعالى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} ]البقرة: من الآية43[وقوله تعالى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ]التوبة: من الآية34[إلى قوله{ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ } ]التوبة: من الآية35[
وأما الصوم فقوله {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} ]البقرة: من الآية183[وقوله {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ]البقرة:184[وإيجاب تداركه على الحائض
وكذلك الزنا والقتل ورد فيهما تهديدات ودلالات تواردت على طول مدة النبوة لا تحصى فلذلك قطعوا به لا بمجرد الأمر الذي منتهاه أن يكون ظاهرا فيتطرق إليه الاحتمال
مسألة: هل بعد انتهاء الخطر فيه إباحة
فإن قال قائل: قوله :افعل بعد الحظر :ما موجبه ؟وهل لتقدم الحظر تأثير؟
قلنا: قال قوم :لا تأثير لتقدم الحظر أصلا .
وقال قوم: هي قرينة تصرفها إلى الإباحة .
والمختار: أنه ينتظر فإن كان الحظر السابق عارضا لعلة وعلقت صيغة افعل بزواله كقوله تعالى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} ]المائدة: من الآية2[فعرف الاستعمال يدل على أنه لرفع الذم فقط حتى يرجع حكمه إلى ما قبله وإن

الصفحة 80