كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

له فإن تعرض لزيد أو عمرو فهو زيادة فهو دون زيادة كلام ناقص فإتمامه بلفظ دال على تلك الزيادة لا بمعنى البيان
فإن قيل :بين مسألتنا وبين القتل فرق فإن قوله اقتل كلام ناقص لا يمكن امتثاله وقوله صم كلام تام مفهوم يمكن امتثاله
قلنا: يحتمل أن يقال يصير ممتثلا بقتل أي شخص كان بمجرد قوله أقتل كما يصير ممتثلا بصوم أي يوم كان إذا قال صم يوما بلا فرق ويكون قوله أقتل كقوله أقتل شخصا لأن الشخص القتيل من ضرورة القتل وإن لم يذكر كما أن اليوم من ضرورة الصوم وإن لم يصرح به
فيتحصل من هذا أنه تبرأ ذمته بالمرة الواحدة لأن وجوبها معلوم والزيادة لا دليل على وجوبها إذ لم يتعرض اللفظ لها فصار كما قبل قوله صم وكنا لا نشك في نفي الوجوب بل نقطع بانتفائه وقوله صم دال على القطع في يوم واحد فبقي الزائد على ما كان هذا هو الظاهر من مطلق اللفظ المجرد عن الكمية
ويعتضد هذا باليمين فإنه لو قال :والله لأصومن لبر بيوم واحد ولو قال لله علي صوم لتفصى عن عهدة النذر بيوم واحد لأن الزائد لم يتعرض له
فإن قيل: فلو فسر التكرار بصوم العمر فقد فسره بمحتمل أو كان ذلك الحاق زيادة كما لو قال أردت بقولي اقتل أي أقتل زيدا وبقولي صم أي صم يوم السبت خاصة فإن هذا تفسير بما لا يحتمله اللفظ بل ليس تفسيرا إنما ذكر زيادة لم يذكرها ولم يوضع اللفظ المذكور لها لا بالإشتراك ولا بالتجوز ولا بالتنصيص
قلنا :هذا فيه نظر والأظهر عندنا أنه إن فسره بعدد مخصوص كتسعة أو عشرة فهو إتمام بزيادة وليس بتفسير إذ اللفظ لا يصلح للدلالة على تكرر

الصفحة 83