كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

الرابع: أنه لو حمل الأمر على التكرار لتعطلت الأشغال كلها وحمل النهي على التكرار لا يفضي إليه إذ يمكن الانتهاء في حال واحدة عن أشياء كثيرة مع الإشتغال بشغل ليس ضد المنهي عنه
وهذا فاسد لأنه تفسير للغة بما يرجع إلى المشقة والتعذر ولو قال افعل دائما لم يتغير موجب اللفظ بتعذره وإن كان التعذر هو المانع فليقتصر على ما يطاق ويشق دون ما يتيسر
الخامس: أن النهي يقتضي قبح المنهي عنه ويجب الكف عن القبيح كله والأمر يقتضي الحسن ولا يجب الإتيان بالحسن كله.
وهذا أيضا فاسد فإن الأمر والنهي لا يدلان على الحسن والقبح فإن الأمر بالقبيح تسميه العرب أمرا فتقول أمر بالقبيح وما كان ينبغي أن يأمر به وأما الأمر الشرعي فقد ثبت أنه لا يدل على الحسن ولا النهي على القبح فإنه لا معنى للحسن والقبح بالإضافة إلى ذوات الأشياء بل الحسن ما أمر به والقبيح ما نهى عنه فيكون الحسن والقبح تابعا للأمر والنهي لا علة ولا متبوعا
الشبهة الثالثة: أن أوامر الشرع في الصوم والصلاة والزكاة حملت على التكرار فتدل على أنه موضوع له
قلنا:وقد حمل في الحج على الاتحاد فليدل على أنه موضوع له فإن كان ذلك بدليل فكذلك هذا بدليل وقرائن بل بصرائح سوى مجرد الأمر
وقد أجاب قوم عن هذا بأن القرينة فيه إضافتها إلى أسباب وشروط وكل ما أضيف إلى شر وتكرر الشرط تكرر الوجوب وسنبين ذلك في المسألة التالية .
مسألة: تكرار الأمر المضاف لشرط
اختلف الصائرون إلى أن الأمر ليس للتكرار في الأمر المضاف إلى شرط

الصفحة 86