كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

يرد الصلاة فلم يتكرر مطلقا لكن اتبع فيه موجب الدليل
مسألة: هل الأمر على الفور أم لا؟ :
مطلق الأمر يقتضي الفور عند قوم ولا يقتضيه عند قوم وتوقف فيه من الواقفية قوم ثم منهم من قال التوقف في المؤخر هل هو ممتثل أم لا أما المبادر فممتثل قطعا ومنهم من غلا وقال يتوقف في المبادر أيضا
والمختار: أنه لا يقتضي إلا الامتثال ويستوي فيه البدار والتأخير وندل على بطلان الوقف أولا فنقول للمتوقف المبادر ممتثل أم لا فإن توقفت فقد خالفت إجماع الأمة قبلك فإنهم متفقون على أن المسارع إلى الامتثال مبالغ في الطاعة مستوجب جميل الثناء والمأمور إذا قيل له قم فقام يعلم نفسه ممتثلا ولا يعد به مخطئا باتفاق أهل اللغة قبل ورود الشرع وقد أثنى الله تعالى على المسارعين فقال عز من قائل {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ } ]آل عمران: من الآية133[وقال {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} ]المؤمنون:61[
وإذا بطل هذا التوقف فنقول لا معنى للتوقف في المؤخر لأن قوله اغسل هذا الثوب مثلا لا يقتضي إلا طلب الغسل والزمان من ضرورة الغسل كالمكان وكالشخص في القتل والضرب والسوط والسيف في الضرب ثم لا يقتضي الأمر بالضرب مضروبا مخصوصا ولا سوطا ولا مكانا للأمر فكذلك الزمان لأن اللافظ ساكت عن التعرض للزمان والمكان فهما سيان
ويعتضد هذا بطريق ضرب المثال لا بطريق القياس بصدق الوعد إذا قال أغسل وأقتل فإنه صادق بادر أو أخر ولو حلف لأدخلن الدار لم يلزمه البدار
وتحقيقه أن مدعي الفور متحكم وهو محتاج إلى أن ينقل عن أهل اللغة أن

الصفحة 88