كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

قولهم افعل للبدار ولا سبيل إلى نقل ذلك لا تواترا ولا آحادا
ولهم شبهتان:
الأولى: أن الأمر للوجوب وفي تجويز التأخير ما ينافي الوجوب إما بالتوسع وإما بالتخيير في فعل لا بعينه من جملة الأفعال الواقعة في الأوقات والتوسع والتخيير كلاهما يناقض الوجوب
قلنا: قد بينا في القطب الأول أن الواجب المخير والموسع جائز ويدل عليه أنه لو صرح وقال اغسل الثوب أي وقت شئت فقد أوجبته عليك لم يتناقض.
ثم لا نسلم أن الأمر للوجوب ولو كان للوجوب أما بنفسه أو بقرينة فالتوسع لا ينافيه كما سبق
الشبهة الثانية : أن الأمر يقتضي وجوب الفعل واعتقاد الوجوب والعزم على الامتثال ثم وجوب الاعتقاد والعزم على الفور فليكن كذلك الفعل
قلنا: القياس باطل في اللغات ثم هو منقوض بقوله افعل أي وقت شئت فإن الاعتقاد والعزم فيه على الفور دون الفعل .
ثم نقول: وجوب الفور في العزم والاعتقاد معلوم بقرينة وأدلة دلت على التصديق للشارع والعزم على الانقياد له ولم يحصل ذلك بمجرد الصيغة
مسألة: قضاء العبادات
:مذهب بعض الفقهاء أن وجوب القضاء لا يفتقر إلى أمر مجدد ومذهب المحصلين أن الأمر بعبادة في وقت لا يقتضي القضاء لأن تخصيص العبادة بوقت الزوال أو شهر رمضان كتخصيص الحج بعرفات وتخصيص الزكاة بالمساكين وتخصيص الضرب والقتل بشخص وتخصيص الصلاة بالقبلة فلا فرق بين الزمان والمكان والشخص فإن جميع ذلك تقييد للمأمور بصفة والعاري عن تلك الصفة لا يتناوله اللفظ بل يبقى على ما كان قبل الأمر
فإن قيل:الوقت للعبادة كالأجل للدين فكما لا يسقط الدين بانقضاء الأجل لا تسقط الصلاة الواجبة في الذمة بانقضاء المدة

الصفحة 89