كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

قلنا: مثال الأجل الحول في الزكاة لا جرم لا تسقط الزكاة بانقضائه لأن الأجل مهلة لتأخير المطالبة حتى ينجز بعد المدة وأما الوقت فقد صار وصفا للواجب كالمكان والشخص ومن أوجب عليه شيء بصفة فإذا أتى به لا على تلك الصفة لم يكن ممتثلا
نعم يجب القضاء في الشرع إما بنص كقوله صلى الله عليه وسلم "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" أو بقياس فإنا نقيس الصوم إذا نسيه على الصلاة إذا نسيها ونراه في معناها ولا نقيس عليه الجمعة ولا الأضحية فإنهما لا يقضيان في غير وقتهما وفي رمي الجمار تردد أنه بأي الأصلين أشبه ولا نقيس صلاة الحائض على صومها في القضاء لفرق النص ولا نقيس صلاة الكافر وزكاته على صلاة المرتد وإن تساويا في أصل الأمر والوجوب عندنا
مسألة : في موضوع القضاء أيضا :
ذهب بعض الفقهاء إلى أن الأمر يقتضي وقوع الأجزاء بالمأمور به إذا امتثل وقال بعض المتكلمين لا يدل على الأجزاء لا بمعنى أنه لا يدل على كونه طاعة وقربة وسبب ثواب وامتثالا لكن بمعنى أنه لا يمنع الامتثال من وجوب القضاء ولا يلزم حصول الأجزاء بالأداء بدليل أن من أفسد حجه فهو مأمور بالإتمام ولا يجزئه بل يلزمه القضاء ومن ظن أنه متطهر فهو مأمور بالصلاة وممتثل إذا صلى ومطيع ومتقرب ويلزمه القضاء فلا يمكن إنكار كونه مأمورا ولا إنكار كونه ممتثلا حتى يسقط العقاب ولا إنكار كونه مأمورا بالقضاء فهذه أمور مقطوع بها
والصواب عندنا أن نفصل ونقول إذا ثبت أن القضاء يجب بأمر متجدد وأنه مثل الواجب الأول فالأمر بالشىء لا يمنع إيجاب مثله بعد الامتثال وهذا لا شك فيه ولكن ذلك المثل إنما يسمى قضاء إذا كان فيه تدارك لفائت من أصل العبادة أو وصفها وإن لم يكن فوات وخلل استحال تسميته قضاء
فنقول: الأمر يدل على أجزاء المأمور إذا أدى بكمال وصفه وشرطه من غير خلل وإن تطرق إليه خلل كما في الحج الفاسد والصلاة على غير الطهارة فلا يدل الأمر على أجزائه بمعنى منع إيجاب القضاء

الصفحة 90