كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

وبهذا تعرف أن قوله عليه السلام :"مروهم بالصلاة لسبع" ليس خطابا من الشرع
مع الصبي ولا إيجابا عليه مع أن الأمر واجب على الولي
فإن قيل:فلو قال للنبي:أوجبت عليك أن توجب على الأمة وقال للأمة أوجبت عليكم خلافه ؟
قلنا :ذلك يدل على أن الواجب على النبي أن يقول أوجبت لا على حقيقة الإيجاب فإن أراد حقيقة الإيجاب فهو متناقض بخلاف {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً } ]التوبة: من الآية103[فإن ذلك لا يناقضه أمرهم بالمنع
فإن قيل: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب والتسلم لا يتم إلا بالتسليم
قلنا:لا يجب التسلم بل يجب الطلب فقط ثم إن وجب التسلم فذلك يتم بالتسليم المحرم وإنما يناقض التسلم أنتفاء التسليم في نفسه لانتفاء علته وحكمه
وبالجملة: كما أن من أمر زيدا بضرب عمرو فلا يطلب من عمرو شيئا فكذلك إذا أمره يأمر عمرا فلا يطلب من عمرو شيئا
مسألة : خطاب الجماعة بالأمر:
ظاهر الخطاب مع جماعة بالأمر يقتضي وجوبه على كل واحد إلا أن يدل دليل على سقوط الفرض عن الجميع بفعل واحد أو يرد الخطاب بلفظ لا يعم الجميع كقوله تعالى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } ]آل عمران: من الآية104[ كقوله تعالى {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} ]التوبة: من الآية122[فإن هذا لا يدل على الوجوب في حق كل واحد على التعيين .
فإن قيل فما حقيقة فرض الكفاية ؟ أهو فرض على الجميع ثم يسقط الفرض

الصفحة 92