مثلا ولو كان الموت في أثناء النهار يبين عدم الأمر فالموت مجوز فيصير الأمر مشكوكا فيه ولا يلزمه الشروع بالشك
فإن قيل:لأنه إن بقي كان واجبا والظاهر بقاؤه والحاصل في الحال يستصحب والاستصحاب أصل تبنى عليه الأمور كما أن من أقبل عليه سبع يهرب وإن كان يحتمل موت السبع قبل الانتهاء إليه لكن الأصل بقاؤه فيستصحبه ولأنه لو فتح هذا الباب لم يتصور امتثال الأوامر المضيقة أوقاتها كالصوم فإنه إنما يعلم تمام التمكن بعد انقضاء اليوم ويكون قد فات
قلنا:هذا يلزمكم في الصوم ومذهبكم هو الذي يفضي إلى هذا المحال وما يفضي إلى المحال فهو محال وأما الهرب من السبع فحزم وأخذ بأسوأ الأحوال ويكفي فيه الاحتمال البعيد فإن من شك في سبع على الطريق أو سارق فيحسن منه الحزم والاحتراز أما الوجوب فلا يثبت بالشك والاحتمال
وينبغي أن يقال من أعرض عن الصوم ومات قبل الغروب لم يكن عاصيا لأنه أخذ بالاحتمال الآخر وهو احتمال الموت فليكن معذورا به فإن زعموا أن ظن البقاء بالاستصحاب أورث ظن الوجوب وظن الوجوب اقتضى تحقق الوجوب من الشرع جزما قطعا فهذا تعسف وتناقض
المسلك الخامس : أن الإجماع منعقد على أن من حبس المصلي في أول الوقت وقيده ومنعه من الصلاة متعد عاص بسبب منعه من الصلاة الواجبة فإن كان التكليف يندفع به فقد أحسن إليه إذ منع التكليف عنه فلم عصي ؟
وهذا فيه نظر لأنه عصي لأن التصرف في الغير بضبطه ومنعه حرام وإن منعه غير مباح أيضا ولأن منعه صار سببا لوجوب القضاء في ذمته وهو على خطر من فواته أو يحرم لأنه أخرجه عن أن يكلفه وفي التكليف مصلحة وقد فوتها عليه بدليل أنه لو قيده قبل وقت الصلاة أو قبل وقت الصلاة أو قبل البلوغ إلى أن بلغ ودخل وقت الصلاة عصى ولم يكن على الصبي أمر ناجز لا بشرط ولا بغير شرط