كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 2)

أما عندنا فليس المراد بالطلب الذي هو معنى الأمر إرادة وتشوقا لأن المعاصي عندنا مرادة وهي غير مأمور بها والطاعات مأمور بها وقد لا تكون مرادة فإن ما أراد الله واقع والتشوق على الله محال وإنما معناه اقتضاء فعله لمصلحة العبد ولكنه يكون توطئة للنفس على عزم الامتثال أو الترك لما يخالفه لطفا به في الاستعداد والانحراف عن الفساد وهذا لطف متصور من الله تعالى
ويتصور أيضا من السيد أن يستصلح عبده بأوامر ينجزها عليه مع عزمه على نسخ الأمر قبل الامتثال امتحانا للعبد واستصلاحا له وكل أمر مقيد بشرط أن لا ينسخ وكل وكالة مقيدة بشرط أن لا يعزل الوكيل وقوله وكلتك ببيع العبد غدا مع العلم بأنه سيعتق العبد قبل الغد وكالة في الحال يقصد بها استمالة الوكيل مثلا وامتحانه في إظهار الاستبشار بأمره أو الكراهية فكل ذلك معقول لهذه الفائدة وليس تحت الأمر إلا أنه اقتضاء من هذا الجنس والله أعلم
القول في صيغة النهي
اعلم أن ما ذكرناه من مسائل الأوامر تتضح به أحكام النواهي إذ لكل مسألة وزان من النهي على العكس فلا حاجة إلى التكرار ولكنا نتعرض لمسائل لا بد من افرادها بالكلام
مسألة هل النهي يقتضي الفساد اختلفوا في أن النهي عن البيع والنكاح والتصرفات المفيدة للأحكام هل يقتضي فسادها؟

الصفحة 99