كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 2)

رددته خفت أن يظن بك الرجل سوءًا، فاقبله، واصرفه فيما أحببت. فحينئذ قبلها، فلما خرج يعقوب، قال لي أبو عبد اللَّه: يا أبا علي، قلت: لبيك.
قال: ارفع هذِه الإجانة وكانت في هذِه الدار إجانة موضوعة، فرفعتها.
فقال: ضعها تحتها، فوضعتها تختها. وخرجنا من عند أبي عبد اللَّه، وترك المال تحت الإجانة بقية يومه وليلته.
فلما كان من الليل، إذا أم ولد لأبي عبد اللَّه تدق علينا الحائط الذي بينا وبينه، فقلت لها: مالك؟ فقالت: مولاي يدعو عمه، فأعلمت أبي، فخرجنا جميعًا، فدخلنا عليه، وذلك في جوف الليل.
فقال: يا عم، ما أخذني النوم هذِه الليلة.
فقال له أبي: ولم؟ قال: لهذا المال الذي عندي.
وجعل يتوجع لأخذه، وجعل أبي يسكنه ويكلمه ويسهل عليه، وقال له: حتى تصبح وترى فيه رأيك، فإن هذا ليل، والناس في منازلهم، فإذا أصبحت -إن شاء اللَّه- نظرت ما تصنع، فأمسك وخرجنا.
فلما كان في السحر، وجه إلى عبدوس بن مالك، وحسن بن البزاز، فحضرا وحضر جماعة فيهم هارون الجمال، وأحمد بن منيع، وابن الدورقي وغيرهم، وحضرت أنا وأبي وصالح وعبد اللَّه ومن حضر، فجعلنا نكتب من يذكرونه من أهل الستر والصلاح ببغداد والكوفة وغيرهما، ووجه منها إلى سعيد الأشج، وإلى أبي كريب، وإلى من ذكر من أهل العلم وأهل الستر، ممن يعلم أنه محتاج، ففرقها كلها ما بين الخمسين إلى المائة والمائتين، فما بقي في الكيس درهم واحد. ثم أمر بالكيس فتصدق به على مسكين.
فلما كان بعد ذلك مات إسحاق بن إبراهيم ومات ابنه محمد، وولي بغداد عبد اللَّه بن إسحاق. فجاء رسول عبد اللَّه بن إسحاق إلى أبي عبد اللَّه،

الصفحة 503