كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 2)

فعاد وقال: يكون شعارَه ولا يكون دثاره، فأعدت عليه مثل ذلك. وقد كان غَزَلت له الجارية ثوبًا عُشاريا قُوِّم ثمانية وعشرين درهمًا ليَقْطع منه قميصين، فقطعنا له لفافتين، وأخذنا من فوران لفافة أخرى فأدرجناه في ثلاث لفائف، واشترينا حَنُوطًا، وقد كان بعض أصحابنا من العطارين سألني أن يوجه بحنوط فلم أفعل، وصب في جُبٍّ لنا ماء، فقلت: قولوا لأبي محمد يشتري رواية ويصب الماءَ في الجُبِّ الذي كان يشرب منه، فإنه كان يكره أن يدخل من منازلنا إليه بشيء، وفُرغ من غسله وكفنَّاه، وحضر نحو من مائة من بني هاشم ونحن نكفِّنه، وجعلوا يقبلون جبهته حين رفعناه على السرير.
"السيرة" لصالح ص 124

قال صالح: لما توفى أبي وجَّه إليَّ ابن طاهر من يصلي عليه؟
قلت: أنا. فلما صرنا إلى الصحراء إذا ابن طاهر واقف. فخطا إلينا خطوات، وعزانا، ووُضع السرير. فلما انتظرت هُنَيهةً تقدمتُ وجعلتُ أسوِّي الناس، فجاءني ابن طالوت ومحمد بن نصر فقبض هذا على يدي وهذا على يدي، وقالوا: الأمير! فمانعتهم، فنَحياني فصلى، ولم يعلم الناسُ بذلك، فلما كان الغد علم الناسُ فجعلوا يجيئون ويصلون عليه على القبر، ومكث الناس ما شاء اللَّه يأتون فيصلون على القبر.
"السيرة" لصالح ص 125

قال أحمد بن سنان: بعث ابن طاهر حين مات أحمد بن حنبل بصينيتين عظيمتين عليهما كفنه وحنوطه، فأبى صالح أن يقبلها، وقال: إن أبا عبد اللَّه قد أعد كفنه -فرد صالح ما بعث به ابن طاهر، قال: فرد ابن طاهر مرة أخرى وقال: إني أكره أن يجد أمير المؤمنين علي، فقال له صالح: إن أمير المؤمنين أعفى أبا عبد اللَّه مما يكره، وهذا مما يكره، فلست أقبله. فرده صالح.
"الجرح والتعديل" 1/ 301، "سير أعلام النبلاء" 11/ 206.

الصفحة 524