والاستدلال على حرمة رفع الأصوات مثلاً والمعازف به على انفراده محل تردد، والأقرب أن يقال فيه دليل على تحريم كل فرد فرد مما ذكر لأنه قد جعل جزء سبب لهذه العقوبة ولا عقاب إلا على محرم، فهذا محرم نعم العقوبة المذكورة بخصوصها لا دليل في الحديث إلا على أنها للمجموع من الأسباب المذكورة ولا يلزم من ذلك أنه لا عقوبة على الأفراد غيرها من هذه العقوبة المعينة.
واعلم أن هذا الحديث من أعلام النبوة وقد اتفق ما أخبر به - صلى الله عليه وسلم - من فعل هذه الأمة ومن وقوع ما يوعدون به عليها ومن وقف على كتب التاريخ رأى من ذلك العجب.
قال الذهبي في النبلاء (¬1) في ترجمة المتوكل: إن في سنة اثنين وأربعين ومائتين وقعت زلزلة بقومس والدامغان والري وطبرستان ونيسابور وأصبهان وهلك فيها بضع وأربعون ألف وانهد نصف مدينة الدامغان وفي سنة خمس وأربعين ومائتين عمت الزلزلة الدنيا ومات فيها خلائق. انتهى.
وقد علم أن أزمنة العباسية سيما المتوكل كانت أزمنة هذه القبائح وغيرها (ت عن علي) رمز المصنف لضعفه لأنه من رواية فرج بن فضالة قال البرقاني: سألت الدارقطني عنه فقال: باطل قلت: من جهة الفرج قال: نعم.
قال الترمذي: هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفه إلا من هذا الوجه (¬2).
¬__________
(¬1) سير أعلام النبلاء (12/ 37).
(¬2) أخرجه الترمذي (2210) وقال: غريبٌ، وابن حبان في المجروحين (2/ 206)، والطبراني في الأوسط (1/ رقم 472)، وقول البرقاني للدارقطني: أورده المزي في تهذيب الكمال (23/ 160) في ترجمة الفرج بن فضالة وهو فيه كالآتي: سألت الدارقطني عنه فقال: ضعيف، فقلت: حديثه عن يحيى بن سعيد الأنصاري ... ذكر هذا الحديث، قال: هذا باطل، قلت: من جهة الفرج قال: نعم، قلت: تخرج هذا الحديث قال: لا .... وكذا أورده ابن عساكر في تاريخ دمشق (48/ 267) والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 396)، والحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (8/ 235)، راجع سؤالات أبي بكر البرقاني للإمام الدارقطني (ص: 217).