كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 2)

واستشكل: بأن من اشتري في الصحة ثم مرض واطلع على عيب، والغبطة في الرد فلم يرد .. فما نقصه العيب محسوب من الثلث، فدل على أنه تفويت، ومقتضاه: وجوب الرد في هذه المسألة، وتعبير "المنهاج" بقوله [ص 251]: (وله أن يرد بالعيب ما كان اشتراه) يوهم المنع فيما اشتراه بعد الحجر بثمن في الذمة، وصححناه، قال شيخنا الإسنوي: والمتجه: التسوية، قال شيخنا ابن النقيب: بل الرد فيه أولي؛ ولعل سكوتهم عنه لذلك (¬1).
قلت: ولا يرد ذلك على قول "الحاوي" عطفًا على المحجور فيه [ص 307]: (ورد بعيبٍ بلا غبطةٍ) لأنه لم يأت بعبارة تدل على تقييده بما إذا تقدم شراؤه.
واعلم: أنه يستفاد من عبارة "المنهاج" و"الحاوي" مسألة حسنة ليست في "الروضة"، وهي منع الرد حيث لا غبطة في الرد ولا في الإمساك، لكن في "المهمات": أن المنقول في نظيره - وهو الرد بالخيار تفريعًا على اعتبار الغبطة فيه -: الجواز عند الاستواء، ذكره في "النهاية"، قال: إلا أن يفرق باستقرار الملك على المعيب دون زمن الخيار (¬2).
خامسها: ويتناول أيضًا الرد بالخيار مع أنه له ذلك وإن لم يكن فيه غبطة، وقد ذكره "الحاوي" (¬3).
سادسها: يستثني من منع "التنبيه" و"الحاوي" التصرف المالي: الاستيلاد؛ ففي "خلاصة الغزالي": نفوذه (¬4)، قال شيخنا الإمام البلقيني: ويظهر القطع به؛ لأن حجر الفلس دائر بين حجر السفه والمرض، وكلاهما ينفذ معه الاستيلاد حتى تكون في مسألة المريض من رأس المال (¬5).
سابعها: محله أيضًا: ما إذا كان المال له، فإن لم يكن له؛ كإعراضه عن نصيبه في الغنيمة قبل القسمة وقبل اختيار التملك .. فإنه ينفذ، وكذا إذا أجاز ما فعل مورثه مما يحتاج إلى الإجازة .. فإنه ينفذ على قولنا: إنه تنفيذ، وهو الأصح، ذكره شيخنا الإمام البلقيني، وقال: لم أر من تعرض لذلك، قال: فينبغي أن يقال: في ماله.
ثامنها: يستثني من كلامهما أيضًا: طهارته بالماء الذي عنده، وشربه منه، وسكناه في بيته قبل بيعه، ونحو ذلك لا سيما فيما إذا دخل وقت الصلاة عليه قبل حجر الفلس، وقد تعين للطهارة، ذكره شيخنا الإمام البلقيني أيضًا، وهو واضح، والله أعلم.
¬__________
(¬1) انظر "السراج على نكت المنهاج" (3/ 222).
(¬2) نهاية المطلب (6/ 375).
(¬3) الحاوي (ص 307).
(¬4) الخلاصة (ص 307).
(¬5) انظر "حاشية الرملي" (4/ 507)، و"نهاية المحتاج" (8/ 429).

الصفحة 10