كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 2)

2163 - قوله: (ويُنفق على من عليه نفقته) (¬1) يتناول نفسه؛ فهي مقدمة في النفقة على كل أحد، فقول "التنبيه" [ص 101]: (أنفق عليه وعلى عياله) زيادة إيضاح، والمراد بعياله: من عليه نفقته، وزاد ذلك "الحاوي" إيضاحًا بقوله [ص 308]: (ويُنفق عليه وعلى من عليه مؤنته من الزوجة والقريب، ويكسوهم بالمعروف).
واعلم: أنه يدخل في الأقارب ولدٌ تجدد بعد الحجر، ولا يدخل في الزوجاتِ زوجةٌ نكحها بعده، قاله الرافعي في (النكاح) (¬2)، وهل ينفق على الزوجة كمعسر أم كموسر؟ رجح النووي وابن الرفعة تبعًا للإمام: الأول، والرافعي تبعًا للروياني: الثاني؛ بعلة: أنه لو أنفق كمعسر .. لما أنفق على الأقارب (¬3).
قال السبكي: وهو عَجَبٌ؛ لأنهم ذكروا في اليسار المعتبر في نفقة الزوجة غير المعتبر في نفقة القريب، فلا يلزم من انتفاء الأول انتفاء الثاني.
وبقي ممن عليه مؤنته: أمهات أولاده، فلو لم يفصّل "الحاوي" واقتصر على الإجمال .. لكان أولي؛ لكونه فاته بعض التفصيل كما علمت.
قال الإمام: وإذا لم يكن سوي المرهون .. لا ينفق عليه وعلى عياله منه (¬4).
قال ابن الرفعة: وغير المرهون مما تعلق به حق؛ كالمبيع الذي لم يقبض ثمنه والجاني .. لم أر فيه نقلًا، والقياس: أنه كالمرهون.
2164 - قول "المنهاج" [ص 252]: (حتى يُقَسِّم ماله) عبر "الحاوي" عنه بقوله [ص 308]: (إلى الفراغ من بيع ماله) و"التنبيه" بقوله [ص 101]: (إلى أن ينفك الحجر) والأمور الثلاثة متلازمة، فإذا فرغ من بيع ماله .. قسم وفك حينئذ الحجر، فالمراد بالعبارات المختلفة شيء واحد.
2165 - قول "المنهاج" [ص 252]: (إلا أن يَسْتَغْنِيَ بكسب) أحسن من قول "التنبيه" [ص 101] و"الحاوي" [ص 308]: (إن لم يكن له كسبٌ) فإنه قد يكون له كسب ولا يستغني به؛ لكونه لم يجد من يستعمله، فلو وجد، فلم يعمل تقصيرًا .. فمقتضي عبارة "المنهاج": الإنفاق من ماله أيضًا؛ لصدق عدم الاستغناء بالكسب عند فوات العمل، واختاره شيخنا الإسنوي، وهو مقتضي كلام ابن الرفعة في "المطلب"، وإطلاق "التتمة" يقتضي أنه لا ينفق من ماله، واختاره السبكي.
¬__________
(¬1) انظر "المنهاج" (ص 252).
(¬2) انظر "فتح العزيز" (8/ 19).
(¬3) انظر "نهاية المطلب" (6/ 409)، و"فتح العزيز" (5/ 22)، و"الروضة" (4/ 145).
(¬4) انظر "نهاية المطلب" (6/ 409).

الصفحة 15