كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 2)

أبلغ، وإن كان يحتمل أن مستندها تلفه (¬1).
2173 - قول "المنهاج" [ص 252]: (وشرط شاهده: خبرة باطنه) مراده: الجنس؛ فإنه يشترط شاهدان، فلو قال: (شاهديه) كما في "التنبيه" (¬2) .. لكان أحسن، ثم إنه إنما تشترط الخبرة الباطنة في الشاهد بالإعسار، أما الشاهد بتلف المال: فلا تشترط فيه الخبرة الباطنة، وفي "الكفاية": لا فرق في ذلك على ما حكاه الإمام بين أن تكون البينة معدلة أو لا.
قال السبكي: وهو غلط على الإمام لو استطعت .. لكشطته من "الكفاية"، بل لا بد من بينة عادلة جزمًا، ولم يذكر الإمام غيره (¬3)، وإذا كان يحبس ابتداء في الدين بشاهدين لم يعدلا على الأصح مدةً يظهر للقاضي الجرح والتعديل احتياطا للحق وإن لم يثبت .. فلأن يستدام مع ثبوت الدين قبل ثبوت الإعسار أولي.
2174 - قول "التنبيه" [ص 101]: (فإن قال: حلفوه أنه لا مال له في الباطن .. حلف في أحد القولين)، هو الأصح، وعليه مشي "الحاوي" فقال [ص 308]: (وحَلَّفه إن طُلِبَ) وتقدم عن الجرجاني: أنه إنما يحلف من لم يقم بينة على تلف ماله، فإن أقامها عليه .. لم يحلف بلا خلاف؛ لأن فيه تكذيب البينة.
2175 - قول "المنهاج" [ص 252، 253]: (وليقل: هو معسرٌ، ولا يُمحّض النفي) لابد أن يقول مع ذلك: (لا يملك إلا قوت يومه وثياب بدنه) كما هو في "الروضة" وأصلها (¬4)، وقال شيخنا الإمام البلقيني: هذه الصفة ليست صحيحة؛ لأمور:
منها: أن ملك قوت يومه قد يصير به موسرًا إذا كان مستغنيًا عنه بالكسب الذي يصرفه لجهات المؤنة من نفقة نفسه وغيره، فلا يكتفي بالاستثناء مع الإبهام.
ومنها: أن ثياب بدنه قد تكون لائقة به وقد تكون زائدة على ما يليق به، والذي يترك له إنما هو الذي يليق به؛ فاستثناء ذلك على طريق الإبهام لا يكفي، ثم اللبد والحصير القليل القيمة يترك أيضًا، وليس من ثياب البدن.
ومنها: أنه قد يكون مالكًا لغير ذلك وهو معسر؛ بأن يكون له مال غائب مسافة القصر فما فوقها، فيصدق عليه أنه معسر؛ بدليل: أن الزوجة تفسخ، وتُعطي من الزكاة، كما ذكر في سهم ابن السبيل، ومع ذلك لا يصدق أنه لا يملك غير قوت يومه وثياب بدنه؛ إذ هو مالك لغيرهما،
¬__________
(¬1) نكت النبيه على أحكام التنبيه (ق 94).
(¬2) التنبيه (ص 101).
(¬3) انظر "نهاية المطلب" (6/ 421).
(¬4) الروضة (4/ 138).

الصفحة 19