كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 2)

عود الأهلية، وحمل ابن الرفعة كلام "التنبيه" على المجنون الذي جُن في صباه، أو بعد بلوغه وقبل إيناس الرشد، وقد قال بعد ذلك: (وإيناس الرشد: أن يبلغ مصلحًا لدينه وماله) (¬1)، ولم يذكر الإفاقة.
ورده السبكي: بأن الباقي فيما إذا لم يؤنس منه الرشد حجر السفه لا حجر الجنون.
ثانيهما: أن ما ذكره في الصبي موافق لقول "المنهاج" [ص 256]: (وحجر الصبي يرتفع ببلوغه رشيدًا)، لكن في "الحاوي" [ص 312]: (والطفل إلى البلوغ) ولم يذكر الرشد، قال الرافعي: وليس خلافًا محققًا، ومراد الأول: الإطلاق الكلي، والثاني: المخصوص بالصبي، وهذا أولي؛ لأن كلًا من الصِّبَا والتبذير سبب مستقلٌ. انتهى (¬2).
وعلى هذا .. فالرشد غير محتاج إليه في ارتفاع حجر الصبي؛ فإن حجر الصبي يرتفع بالبلوغ مطلقًا، ويخلفه حجر السفه، وله أحكام تخصه، فهذا يرتفع بالرشد، قال السبكي: وللبحث مجال في أن حجر الصبي للسفه الذي هو مظنته فاتحدا وإن اختص الصبي بإلغاء أقواله جملة، وحكي في "التوشيح" عن والده: أنه أفتي في يتيم غائب علم وليّه أنه بلغ، ولم يعلم هل بلغ رشيدًا؟ بأنه لا يجوز له التصرف في ماله، ولا إخراج زكاته استصحابًا لحكم الحجر، واحتج بقول الأصحاب: إذا أجر الولي الصبي مدة يبلغ فيها بالسن .. لم يصح فيما زاد على البلوغ، قال: فهذا يدل على أنهم لا يكتفون في العقود بالأصل.
2210 - قول "الحاوي" [ص 312]: (بخمس عشرة سنة) قد يوهم حصول البلوغ بالطعن فيها، وهو وجه، والأصح: اعتبار استكمالها، وصرح به "التنبيه" و"المنهاج" (¬3)، وابتداؤها من خروج جميع الولد، وهي تحديد، كما ذكره النووي في "الأصول والضوابط"، فقال: الأصح: القطع به (¬4).
2211 - قول "التنبيه" [ص 103]: (بالاحتلام) و"الحاوي" [ص 312]: (والحلم) أراد به: خروج المني في نوم أو جماع أو غيرهما، فلو عبرا بـ (خروج المني) كما في "المنهاج" (¬5) .. لكان أوضح؛ ولذلك قال النووي في "تحرير التنبيه": (لو قال: بالإنزال .. لكان أصوب) (¬6).
¬__________
(¬1) التنبيه (ص 103).
(¬2) انظر "فتح العزيز" (5/ 68)، وفي حاشية (أ): أول كلام الر افعي: وقوله - أي: في "الوجيز": "وحجر الصبي ينقطع بالبلوغ مع الرشد"، هكذا يطلقه بعض الأصحاب، ومنهم من يقول: حجر الصبي ينقطع بمجرد البلوغ، وليس ذلك خلافًا محققًا).
(¬3) التنبيه (ص 103)، المنهاج (ص 256).
(¬4) الأصول والضوابط (ص 36).
(¬5) المنهاج (ص 256).
(¬6) تحرير ألفاظ التنبيه (ص 199).

الصفحة 35