كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 2)

أشهد وارتهن به) (¬1)، ولا بد أن يكون الرهن وافيًا بالثمن. واعلم: أن الرافعي جزم في الإقراض بعدم وجوب الارتهان، وإنما يفعل ما يراه مصلحة (¬2)، وذكر ابن الرفعة: أن البيع نسيئة كالإقراض، فحصل من مجموع ذلك أن الارتهان في البيع نسيئة غير واجب.
ويستثنى من الاحتياج إلى الرهن: ما لو باع مال ولده من نفسه نسيئة، وحكى في "الروضة" في (الرهن): أن شرط البيع نسيئة: كون المشتري ثقة موسرًا ويكون الأجل قصيرًا، ثم قيل: الأجل الذي لا تجوز الزيادة عليه سَنَة، وقال الجمهور: لا يتقدر بها، بل يعتبر عرف الناس (¬3).
وأما الإشهاد: فالأصح في الوصية: أنه لا يجب، وجزم النووي في (الرهن) بأنه واجب (¬4)، وفي اشتراطه قولان، وقد يحمل كلامه في الوصية على البيع حالًا، وهذا في البيع نسيئة، وفي الرافعي في (الوكالة) في أثناء تعليل: أن الوصي لا يبيع إلا بنقد البلد حالًا (¬5)، وهو محمول على المذكور هنا.
ثانيهما: الظاهر: أن أخذ الرهن خاص بالصورة الثانية، أما الضرورة: فلا يشترط فيها الرهن؛ لخروجها عن الضبط، لكن حكى ابن الرافعة عن القاضي أبي الطيب والمتولي: أن في الاحتياج إلى الرهن في صورة الضرورة الخلاف فيما إذا أقرضه في مثل هذه الحالة، وفي "الروضة" وأصلها في (الأطعمة): أنه يجوز للولي بيع مال المحجور نسيئة للمضطر، وأنها إحدى الصور التي يجوز فيها بيع مال الصبي نسيئة (¬6)، وقد يُدعى دخول هذه الصورة في عبارة " التنبيه "، وأن الضرورة تتناول ضرورة المحجور وضرورة المضطر، ولا يمكن توقف هذا البيع على رهن إذا لم يكن مع المضطر ما يرهنه.
2249 - قول "التنبيه" [ص 103]: (وإن وجب لهما شفعة وفي الأخذ بها غبطة .. لم يجز له تركها) مفهومه: تركها إذا لم يكن أخذها غبطة، وهذا صادق بكون الغبطة في ترك الأخذ بها، وباستواء الأمرين، فأما الأولى: فقد ذكرها "المنهاج" بقوله [ص 258]: (ويأخذ له بالشفعة أو يترك بحسب المصلحة)، و " الحاوي " بقوله بعد ذكر التصرف بالغبطة [ص 312]: (وفي الشفعة وتركها)، وأما الثانية: فما اقتضاه كلامه فيها هو مقتضى كلام الرافعي في آخر (الشفعة) (¬7).
¬__________
(¬1) المنهاج (ص 258).
(¬2) انظر " فتح العزيز " (5/ 83).
(¬3) الروضة (4/ 63، 64).
(¬4) الروضة (4/ 64).
(¬5) انظر " فتح العزيز " (5/ 224).
(¬6) فتح العزيز (12/ 168)، الروضة (3/ 289).
(¬7) انظر " فتح العزيز " (5/ 492).

الصفحة 46