كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 2)

ولذلك قال "الحاوي" [ص 540]: (وجميعه للموطوءة)، وصور "المنهاج" المسألة أولًا بالصغيرة التي لا يتأتي الدخول بها، ثم قال في الكبيرة [ص 456]: (فإن كانت - أي: موطوءة - .. له على المرضعةِ مهرُ مثلٍ في الأظهر).
خامسها: تناول كلامهم جميعًا ما إذا كانت مكرهة على الإرضاع، وهو الذي حكى في "الروضة" وأصلها تصحيحه عن "البحر"، وأقراه (¬1)، وصححه في "الكفاية"، لكن الأصح في (الجنايات) في الإكراه على الإتلاف وهذه من أفراده: أن للمالك مطالبة أيهما شاء، غير أنه إذا طولب المتلف .. رجع على الأمر، فإذا جمعنا بين الكلامين .. قلنا: اللزوم هنا ليس لزوم قرار بل طريق، والقرار على المكرِه بكسر الراء، والله أعلم.
4398 - قول "المنهاج" [ص 455]: (ولو رضعت من نائمةٍ .. فلا غُرمَ ولا مَهرَ للمُرتَضِعة) يخرج ما لو ارتضعت من مستيقظة ساكتة، لكن الأصح عند النووي: أنها كالنائمة؛ لعدم الفعل.
وقد يقال: إن قول "الحاوي" [ص 540]: (لا إن دبت الصغيرة) موافق له؛ لأنه يشمل ما لو دبت فرضعت من متيقظة ساكتة، لكن في "المهمات": أن تصحيح النووي هذا غلط؛ فقد جزم في صدر المسألة بأن التمكين من الرضاع كالإرضاع، قال: وهو الحق؛ فقد جعلوا مثل هذا تمكينًا منسوبًا إليه فيما إذا أتلف شخص وديعة تحت يده، أو صبّ في جوفه وهو صائم مفطرًا، أو حمله فدخل به الدار المحلوف عليها.
4399 - قول "المنهاج" [ص 456]: (ولو زوَّجَ أمَّ ولدِه عبدَهُ الصغيرَ فأرضعَتْهُ لبَنَ السيِّدَ .. حَرُمَت عليه وعلى السيدِ) هذا مفرع على مرجوح؛ لأن الأصح: أن السيد لا يجوز له إجبار عبده الصغير على النكاح، وقد ظهر بذلك أن ما حكاه المزني عن الشافعي رضي الله عنه من أنها لا تحرم عليه، وغلطه الأصحاب في نقله .. ليس بغلط، بل صحيح معتمد، وقد خرجه الشيخ أبو على بتخريجات، هذا أولاها، والله أعلم.
4400 - قوله: (ولو كان تحتهُ صغيرةٌ وكبيرةٌ فأرضعنهَا .. انفَسَخَنَا) (¬2) تقدمت هذه المسألة أول الفصل، وإنما ذكرت هناك لأجل الغرم، وهنا لتأييد التحريم وعدمه.
4401 - قول "التنبيه" [ص 205]: (وإن كان له امرأتان صغيرتان فأرضعت امرأة إحداهما بعد الأخرى .. ففيه قولان، أحدهما: ينفسخ نكاحهما، والثاني: ينفسخ نكاح الثانية) الأصح: الأول، وعليه مشى "المنهاج" (¬3) و "الحاوي" بقوله [ص 540]: (ولزوجتيه كيف ارتضعتا) وهو
¬__________
(¬1) فتح العزيز (9/ 586)، الروضة (9/ 22).
(¬2) انظر "المنهاج" (ص 456).
(¬3) المنهاج (ص 456).

الصفحة 862