كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 2)

اقتراض لغيبة أو منع) و "الحاوي" [ص 545]: (وتستقر بفرض القاضي) قاله الغزالي، وتبعه الرافعي والنووي في كتبهما (¬1)، قال النسائي: وقد رده والدي رحمه الله فيما علقه على "الوسيط" نقلًا وعقلًا (¬2).
وقال في "المهمات": لم أر أحدًا استثناه، بل صرح ابن القاص وأبو على الطبري والمحالمي والقزويني في "الحيل" وأبو إسحاق الشيرازي في "التذكرة" والغزالي في "تحصين المآخذ" - كلاهما في الخلاف - ونصر المقدسي ومحمد ابن يحيى بعدم استقرارها بفرض القاضي، ونقل عن البندنيجي في "المعتمد"، وكلام الرافعي في (زكاة الفطر) يدل عليه (¬3)، وهو مقتضى تعليلهم بأنها مواساة لإحياء النفس، وقد حييت فيما مضى.
وأيضًا: فنفقة القريب إمتاع كما حكاه الرافعي عن الأئمة (¬4)، فيستحيل مصيره دينًا كما قاله الإمام (¬5).
وأيضًا: فإن أريد بالفرض: الإيجاب .. فهو تحصيل الحاصل، وإن أريد به: التقدير .. لم يؤثر إلا في قدر المأخوذ لا في صفة الوجوب وهي السقوط بمضي الزمان، وكيف يجوز للقاضي تقدير غير المقدر؟ قال: ولم يحك ابن الرفعة مع اطلاعه استقرارها بفرض القاضي إلا عن الرافعي، وعبارة الرافعي: ويستثنى ما إذا فرض القاضي أو أذن في الاستقراض وكان مراده: إذا اقترض - بالقاف - فتصحف، ويدل عليه أمران:
أحدهما: وجودها في بعض نسخه بالقاف.
الثاني: أن البغوي والمتولي صرحا باستثناء الاقتراض، وأنه لا يستثنى غيره (¬6)، وقد علمت كثرة نقل الرافعي عنهما. انتهى كلام "المهمات" بمعناه مختصرًا.
وقال ابن الرفعة: فرض القاضي وعدمه عندنا سيان.
قال السبكي: وهو ممنوع، ولو كان كذلك .. لما جاز له أن يفرض، وفائدة الفرض: تقدير قدر مخصوص بعد أن كان الواجب محتملًا له، وأما ثبوته في الذمة واستقراره .. فهو محل النظر، وهو الذي نفاه ابن الرفعة، وقال في "التوشيح": الذي تحصل لي من كلام الوالد أنه موافق على أنها لا تستقر بمجرد فرض القاضي، ولكن نقول: كلام الغزالي يحتمل أمرين، أظهرهما: أن
¬__________
(¬1) انظر "الوجيز" (2/ 121)، و "فتح العزيز" (10/ 70)، و "الروضة" (9/ 85).
(¬2) انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه" (ق 165).
(¬3) انظر "فتح العزيز" (3/ 150).
(¬4) انظر"فتح العزيز" (10/ 70).
(¬5) انظر "نهاية المطلب" (15/ 464).
(¬6) انظر "التهذيب" (6/ 387).

الصفحة 893