كتاب بداية المحتاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

الثَّالِثُ: الْمَذْهَبُ: أَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ بِمَوْضِعٍ لَا يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ، أَوْ يَصْلُحُ وَلِحَمْلِهِ مُؤْنةٌ .. اشْتُرِطَ بَيَانُ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ، وَإِلَّا .. فَلَا. وَيَصِحُّ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا، فَإِنْ أَطْلَقَ .. انْعَقَدَ حَالًّا، وَقِيلَ: لَا يَنْعَقِدُ
===

الأحكام؛ فإنه صوَّرَ الجمع بين الإجارة والسلم بقوله: (أجرتك داري سنة، وبعتك كذا سلمًا بكذا) (١).
(الثالث: المذهب: أنه إذا أسلم بموضع لا يصلح للتسليم، أو يصلح ولحمله مؤنة .. اشتُرط بيان محلِّ التسليم) وهو مكانه، (وإلا .. فلا) لأنه إذا كان الموضع صالحًا ولا مؤنة .. اقتضى العرف التسليمَ فيه، وإذا لم يكن كذلك .. تفاوتت الأغراض باختلاف الأمكنة فاشترط التعيين.
وهذا في السلم المؤجل، أما الحالُّ .. فلا يشترط فيه التعيين؛ كالبيع.
ويتعين موضع العقد للتسليم، لكن إن عينا غيره .. جاز بخلاف البيع؛ لأن السلم يقبل التأجيل فقَبِل شرطًا يتضمن تأخير التسليم، والأعيان لا تحتمله.
والمراد بموضع العقد: المحلّة، وفي المسألة سبعة طرق (٢)؛ فلذا عبر بالمذهب.
(ويصحُّ) السلم (حالًّا) إذا كان المسم فيه موجودًا (ومؤجلًا) أما المؤجل .. فبالإجماع، وإذا جاز مؤجلًا .. فهو في الحالٍّ أجوز؛ لأنه أبعد عن الغرر.
وفائدة العدول عن البيع إلى السلم الحالّ: جوازُ العقد مع غيبة المبيع؛ فإنه قد لا يكون حاضرًا مرئيًّا، فلا يصحُّ بيعه، وإن أخره لإحضاره .. فات المشتري، والأمنُ من الانفساخ؛ إذ هو متعلق بالذمة.
(فإن أطلق) ولم يشترط تأجيلًا ولا حلولًا ( .. انعقد حالًّا) كالثمن في البيع، (وقيل: لا ينعقد) لأن العرف في السلم التأجيلُ؛ فحمل عليه، وحينئذ فيكون كما لو ذكر أجلًا مجهولًا.
---------------
(١) الشرح الكبير (٤/ ١٥٦).
(٢) انظر "النجم الوهاج" (٤/ ٢٤٤).

الصفحة 112