كتاب بداية المحتاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَإِنْ رَهَنَ مَا لَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ فَطَرَأَ مَا عَرَّضَهُ لِلْفَسَادِ؛ كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ .. لَمْ يَنْفَسِخِ الرَّهْنُ بِحَالٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَعِيرَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ، وَهُوَ فِي قَوْلٍ: عَارِيَّةٌ. وَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ ضَمَانُ دَيْنٍ فِي رَقَبَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِ الدَّيْنِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ، وَكَذَا الْمَرْهُونُ عِنْدَهُ فِي الأَصَحِّ. فَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ .. فَلَا ضَمَانَ
===

(وإن رهن ما لا يَسرُع فساده فطرأ ما عرَّضه للفساد؛ كحنطة ابتلَّت .. لم ينفسخ الرهن بحال) وإن منع الصحة في الابتداء على قول؛ لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء، وسواء طرأ قبل القبض أو بعده على الأصح، فيباع عند تعذر التجفيف، ويجعل ثمنه رهنًا مكانه (١).
(ويجوز أن يستعير شيئًا ليرهنه) بالإجماع؛ كما نقله ابن المنذر (٢)؛ لأن الرهن استيثاق، وهو يحصل بما لا يملكه؛ بدليل الإشهاد والكفالة.
(وهو في قول: عاريةٌ) لأنه قبض مال الغير بإذنه لينتفع به نوعَ انتفاع؛ كالخدمة.
(والأظهر: أنه ضمان دين في رقبة ذلك الشيء) لأن العارية ينتفع المستعير بها مع بقاء عينها، والانتفاع هنا ببيعها في الدين؛ فلم تكن عارية.
ثم إننا رأينا الرهن قد لزم بالقبض مع براءة ذمة المالك؛ فلا مَحمِل له غيرُ الضمان في رقبة ما أعطاه؛ كما لو أذن لعبده في ضمان دين غيره .. فإنه يصحُّ، وتكون ذمة المالك فارغةً، فكما ملك أن يُلزم دينَ الغير في ذمة مملوكه .. وجب أن يَملك إلزام ذلك في رقبته لأن كُلَّ واحد منهما محل حقِّه وتصرفه.
(فيشترط ذكر جنس الدين وقدرِه وصفته) لاختلاف الأغراض بذلك؛ كما في الضمان، (وكذا المرهون عنده في الأصحِّ) لما ذكرناه، والثاني: لا يجب؛ لضعف الغرض فيه.
(فلو تلف في يد المرتهن .. فلا ضمان) على المرتهن؛ لأنه أمسكه رهنًا لا عارية، ولا على الراهن؛ لأن التفريع على قول الضمان، والضامن إنما يرجع بعد
---------------
(١) بلغ مقابلة على خط مؤلفه، أيده الله تعالى. اهـ هامش (أ).
(٢) الإجماع (ص ١٣٩).

الصفحة 136