كتاب بداية المحتاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَلَا يَلْزَمُ إِلَّا بِقَبْضِهِ مِمَّنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ. وَتَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ لكِنْ لَا يَسْتَنِيبُ رَاهِنًا، وَلَا عَبْدَهُ، وَفِي الْمَأْذُونِ لَهُ وَجْهٌ، وَيَسْتَنِيبُ مُكَاتَبَهُ. وَلَوْ رَهَنَ وَدِيعَةً عِنْدَ مُودَعٍ أَوْ مَغْصُوبًا عِنْدَ غَاصِبٍ .. لَمْ يَلْزَمْ مَا لَمْ يَمْضِ زَمَنُ إِمْكَانِ قَبْضِهِ،
===

لغيبته، وأراد أن يكون مرهونًا بهما؛ كما حكاه في "زيادة الروضة" عن أبي الطيب، وأقره (١).
(ولا يلزم) من جهة الراهن (إلا بقبضه) فلو امتنع الراهن منه، أو فسخ قبله .. جاز؛ لأنه عقد إرفاق يحتاج إلى القبول، فلا يلزم إلا بالقبض؛ كالقرض، والمراد بالقبض: القبض المعهود في البيع (ممن يصحُّ عقده) أي: يشترط في كلٍّ من القابض والمُقبض: أن يكون ممن يصحُّ عقده على الرهن، فلا يصحُّ من محجور عليه قبضٌ ولا إقباضٌ، بل يتعاطاهما الولي حيث يجوز له تعاطي العقد.
(وتجري فيه النيابة) من الطرفين؛ كما تجري في العقد (لكن لا يستنيب) المرتهن (راهنًا) في القبض لنفسه؛ لئلا يؤدي إلى اتحاد القابض والمُقبض.
فلو كان الراهن وكيلًا في الرهن فقط، فوكله المرتهن في القبض من المالك .. فالمتجه: الصحة؛ لانتفاء المحذور، وكلام المصنف يقتضي البطلان، قال الإسنوي: ولا وجه له، ومثله: لو رهن الولي ثم انفك الحجر، فوكل المرتهن الولي في القبض.
(ولا عبده) أي: عبد الراهن؛ لأن يده كيد سيده، (وفي المأذون له وجه) لانفراده باليد والتصرف؛ كالمكاتب، والأصح: المنع؛ لمنافاته.
(ويستنيب مكاتبَه) لأنه معه كالأجنبي.
(ولو رهن وديعةً عند مودَع، أو مغصوبًا عند غاصب .. لم يلزم ما لم يمض زمن إمكان قبضه) لأنه لو لم يكن في يده .. لكان اللزوم متوقفًا على هذا الزمان، وعلى القبض، لكن سقط القبض؛ إقامةً لدوام اليد مقامَ ابتدائها، فبقي اعتبار الزمان.
وأفهم أنه لا يشترط ذهابه إليه، وهو الأصح عند الشيخين، وفي "المهمات" تبعًا
---------------
(١) روضة الطالبين (٤/ ٩٤).

الصفحة 140