كتاب بداية المحتاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

ويثْبُتُ الْخِيَارُ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ. وَتَكْفِي الرُّؤْيَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ فِيمَا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا إِلَى وَقْتِ الْعَقْدِ،
===

ويثبت الخيار عند الرؤية) لحديث: "مَنِ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ .. فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذَا رَآهُ" لكنه حديث ضعيف؛ كما قاله البيهقي، وقال الدارقطني: إنه باطل (١).
وهذا ما نقله الماوردي عن جمهور الأصحاب (٢).
وإذا قلنا به .. فلا بدّ من ذكر جنس المبيع ونوعه على الأصحِّ، فيقول: (بعتك عبدي التركي أو فَرسي العربي)، والأصحُّ: طرد القولين فيما لم يره المتعاقدان أو أحدهما، وقيل: إن لم يره البائع لم يصحّ جزمًا. والخلاف: فيما لم يره المشتري، ويجري القولان في بيع الغائب في الشراء به، وإجارته، والصلح عليه، وجعله رأس مال سَلَم إذا سلّم في المجلس، قال في "شرح المهذب": ويجريان في وقفه أيضًا، لكن صحح في "زيادة الروضة" تبعًا لابن الصلاح في (كتاب الوقف) صحته، وأنه لا خيار له عند الرؤية، قال في "العجالة": (لكن جزم القفال في "فتاويه" بالمنع، فقال: إذا اشترى عبدًا أو دارًا فعتق العبد، أو وقف الدار .. لم يصحّ؛ لأنه لو صحّ .. لأدى إلى انبرام العقد، ولا ينبرم قبل الرؤية) انتهى (٣).
وليس بين كلام القفال وكلام المصنف وابن الصلاح اختلاف كما قال؛ إذ لم يتواردا على محلّ واحد؛ فإن كلام ابن الصلاح والمصنف في وقف ما استقر ملكه عليه ولم يره؛ كما لو ورثه أو اشتراه له وكيله، وكلام القفال فيما لم يستقر ملكه عليه.
(وتكفي الرؤية قبل العقد فيما لا يتغير غالبًا إلى وقت العقد) كالأراضي ونحوها وإن منعنا بيع الغائب؛ لأنه قد عرفه بتلك الرؤية، والغالب بقاؤه على ما شاهده عليه، ولا بدّ أن يكون ذاكرًا لأوصافه حالَ البيع، فإن نسيها .. فهو بيع غائب، كذا جزم به في "الكفاية"، ونقله في "المطلب عن الماوردي وأقره، ونقله في "شرح
---------------
(١) سنن البيهقي (٥/ ٢٦٨)، وسنن الدارقطني (٣/ ٤، ٥).
(٢) الحاوي الكبير (٦/ ٢٠).
(٣) المجموع (٩/ ٢٧٦)، روضة الطالبين (٥/ ٣١٦)، عجالة المحتاج (٢/ ٦٧٩).

الصفحة 18