كتاب بداية المحتاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَتُعْتبَرُ رُؤْيَةُ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ. وَالأَصَحُّ: أَنَّ وَصْفَهُ بِصفَةِ السَّلَمِ لَا يَكْفِي. وَيَصِحُّ سَلَمُ الأَعْمَى،
===

واحترز بالخلفي: عن جلد الكتاب؛ فإن رؤيته لا تكفي، بل لا بدّ من تقليب كلّ ورقة، لكن أورد على طرده: الدرّ في صدفه، والمسك في فأرته .. فإنه لا يصحّ البيع فيهما مع أن الصِّوان خلقي، وعلى عكسه: الخُشْكَنان، والجُبَّة المحشوة قطنًا، والفُقَّاع .. فإنه يصحّ بيعهم مع أن الصِّوان غير خلقي.
واحترز بـ (السفلى)، وهي التي تكسر حال الأكل: عن العليا؛ فإنه لا يصحّ البيع قبل إزالتها.
(وتعتبر رؤية كلِّ شيء على ما يليق به) فلا بدّ في الدار من رؤية البيوت والسقوف والجدران داخلًا وخارجًا، والمستحم، والبالوعة، وكذا السطوح.
وفي البستان من رؤية الأشجار والجدران ومسايل الماء.
وفي العبد من رؤية الوجه والأطراف، وكذا باقي البدن غير العورة على الأصح، ولا تشترط رؤية اللسان، والأسنان على الأصح في "شرح المهذب"، والجارية كالعبد على الأصح (١).
ولا بدّ في الدواب من رؤية مقدمها ومؤخرها وقوائمها، ورفع ما على ظهرها.
ولا بدّ في الثوب من نشره على الأصحِّ.
(والأصح: أن وصفه بصفة السلم لا يكفي) عن الرؤية، وكذا سماع وصفه بطريق التواتر؛ لأن الرؤية تفيد أمورًا تقصر عنها العبارة، وفي الخبر: "لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ" (٢). والثاني: يكفي؛ لأن ثمرة الرؤية: المعرفةُ، والوصفُ يفيدها.
(ويصحّ سلم الأعمى) سواء أسلم في شيء، أو أسلم إليه فيه؛ لأن السلم يعتمد الوصف لا الرؤية، فعلى هذا: يشترط أن يكون رأس المال موصوفًا، ثم يعينه في المجلس، فإن كان معينًا في العقد .. كان كمن باع عينًا، وإذا صحّ سلمه .. لم يصحّ قبضه في الأصح، بل يوكل؛ لأنه لا يميز بين حقه وغيره.
---------------
(١) المجموع (٩/ ٢٧٧).
(٢) أخرجه ابن حبان (٦٢١٣)، والحاكم (٢/ ٣٢١) عن ابن عباس رضي الله عنهما.

الصفحة 20