كتاب بداية المحتاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَلَوْ صَالَحَ لِنَفْسِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. . صَحَّ وَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ.
===

وأورد على إطلاقه اعتبارَ الإقرار: ما لو قال الأجنبي: (وكلني في المصالحة لقطع الخصومة، وأنا أعلم أنه لك). . فإنه يصحُّ الصلح في الأصحِّ عند الماوردي، وجزم به في "التنبيه"، وأقره في "التصحيح" (١)، وما لو قال: (هو منكر ولكنه مبطل في إنكاره، فصالحني له على عبدي هذا لتنقطع الخصومة)، وكان المدعى دينًا. . فإن المذهب: صحة الصلح، بخلاف ما إذا كان المدعى عينًا.
والفرق: أنه لا يمكن تمليك الغير عينَ مال بغير إذنه، ويمكن قضاء دينه بغير إذنه.
وأورد على اعتبار التوكيل: ما لو قال: (هو منكر ولكنه مبطل في الإنكار، فصالحني عن الألف الذي لك عليه على عبدي هذا). . فإنه يصحُّ وإن كان بغير إذنه؛ كما ذكره في "زيادة الروضة"، لأن قضاء دين غيره بغير إذنه جائزٌ (٢).
(ولو صالح لنفسه والحالةُ هذه) أي: والحالة: أن الأجنبي قائل بأنه مقر لك (. . صحَّ، وكأنه اشتراه) لأن الصلح وقع بعد دعوى وجواب لها، وقال الجويني: يأتي فيه الخلافُ فيما إذا قال من غير سبق خصومة: (صالحني) لأن الأجنبي لم يخاصم (٣).
وصورة المسألة: أن يكون المدعى به عينًا، فإن كان دينًا. . ففيه الخلاف في بيع الدين لغير من عليه.
وقوله: (وكأنه اشتراه) كذا في "المحرر"، وفي "الشرحين"، و"الروضة": (كما لو اشتراه) (٤)، ولا معنى للتشبيه؛ فإنه شراء حقيقة (٥).
---------------
(١) الحاوي الكبير (٨/ ٤٤)، التنبيه (ص ٧٣).
(٢) روضة الطالبين (٤/ ٢٠٠).
(٣) نهاية المطلب (٦/ ٤٥٤).
(٤) المحرر (ص ١٨٣)، الشرح الكبير (٥/ ٩٣)، روضة الطالبين (٤/ ٢٠٠).
(٥) قال المنكت: وعبارة الكتاب أحسن؛ فإنه شراء حقيقة، فلا معنى للتشبيه، وعكسه ابن الملقن فقال: إن عبارة "الشرحين"، و"الروضة" هي الصواب، لأنه شراء حقيقة فلا معنى للتشبيه. انتهى، ويمكن أن يقال: في كلا العبارتين التشبيه فليست إحداهما أصوب من الأخرى. اهـ هامش (أ).

الصفحة 202