كتاب بداية المحتاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَيَحْرُمُ بَيع اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَذَا بِغَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ فِي الأَظْهَرِ.
===

العوض من الجانبين، أو من أحدهما يوجب توزيعَ الثمن عليهما بالقيمة يوم العقد عرفًا وحكما؛ لأنه لو باع سيفًا وشقصًا من عقار بألف .. وزعت الألف عليهما باعتبار القيمة، حتى إذا كانت قيمة الشقص مئة، وقيمة السيف خمسين .. أخذ الشفيع الشقص بثلثي الألف.
والتوزيع يقتضي الجهل بالمماثلة، أو حقيقة المفاضلة؛ لأنه إذا باع مدًّا ودرهمًا بمدين مثلًا .. نظر؛ إن كانت قيمة المدّ الذي مع الدرهم أكثرَ من الدرهم؛ مثل: أن تكون قيمته درهمين .. فيكون المدّ ثلثي ما في هذا الطرف، فيقابله ثلثا المدين من الطرف الآخر، فيصير كأنه قابل مدًّا بمدّ وثلث، وإن كان أقل؛ مثل: أن تكون قيمته نصف درهم .. فيكون المدّ ثلث ما في هذا الطرف، فيقابله ثلث المدين من الطرف الآخر، وهما ثلثا مدّ، وإن كان مساويًا .. فالمماثلة وإن وجدت، لكنها تستند إلى التقويم، والتقويم حَدْس وتخمين قد يكون صوابًا، وقد يكون خطأ.
والمماثلة المعتبرة في الربا هي المماثلة الحقيقية.
(ويحرم بيع اللحم بالحيوان من جنسه) ويبطل؛ لأنه عليه السلام نهى عن بيع اللحم بالحيوان، رواه الشافعي عن مالك مرسلًا (١).
(وكذا بغير جنسه من مأكول وغيره في الأظهر) لعموم الحديث المذكور، والثاني: لا، أما في المأكول .. فبالقياس على بيع اللحم باللحم، وأما في غيره .. فلأن سبب المنع بيعُ مال الربا بأصله المشتمل عليه، ولم يوجد ذلك هنا.
* * *
---------------
(١) مختصر المزني (ص ٧٨)، الموطأ (٢/ ٦٥٥).

الصفحة 28