كتاب بداية المحتاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

فصلٌ [في التصرية]
التَّصرِيَةُ حَرَامٌ تُثْبِتُ الْخِيَارَ عَلَى الْفَوْرِ، وَقِيلَ: يَمْتَدُّ ثَلَاثةَ أَيَّامٍ. فَإِنْ رَدَّ بَعْدَ تَلَفِ اللَّبَنِ .. رَدَّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ، وَقِيلَ: يَكْفِي
===

(فصل: التصرية حرام) لقوله عليه السلام: "لَا تُصَرُّوا الإبِلَ وَالْغَنَمَ؛ فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ .. فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ حَلَبَها: إِنْ رَضِيَهَا .. أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا .. رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ" متفق عليه (١).
والتصرية: ربط أخلاف البهيمة وترك حلبها مدةً؛ ليجتمع اللبن، فيظن المشتري غزارة لبنها فيزيد في الثمن، وذلك غِشٌّ وتدليس.
(تُثبت الخيارَ) للحديث (على الفور) كالردِّ بالعيب، (وقيل: يمتد ثلاثة أيام) لقوله عليه الصلاة والسلام: "مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً .. فَهُوَ بالْخِيَار ثَلَاثةَ أَيَّامٍ" رواه مسلم (٢).
وهذا ما نصَّ عليه في "الإملاء"، وصححه كثيرون، واختاره المتأخرون؛ منهم: السبكي.
ولو علم بالتصرية قبل الثلاث .. فخياره على الفور على الأول، وعلى الثاني: يمتد إلى آخر الثلاث، ولو علم بها في آخر الثلاث أو بعدها .. فعلى الثاني: لا خيار؛ لامتناع مجاوزة الثلاث، وعلى الأول: يثبت على الفور قطعًا.
[وهل ابتداء الثلاث من العقد أو التفرق؟ فيه الوجهان في خيار الشرط. قاله الشيخان، ومقتضاه: أن الأصح: أنها من العقد (٣)، وقال البُلْقِيني: الصواب: اعتبارها من وقت ظهور التصرية] (٤).
(فإن رَدَّ بعد تلف اللبن .. رَدَّ معها صاع تمر) للحديث المارِّ، (وقيل: يكفي
---------------
(١) صحيح البخاري (٢١٤٨)، صحيح مسلم (١٥١٥/ ١١) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) صحيح مسلم (١٥٢٤) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) الشرح الكبير (٤/ ٢٣٠)، روضة الطالبين (٣/ ٤٦٨).
(٤) ما بين المعقوفين زيادة من غير (أ).

الصفحة 64