كتاب بداية المحتاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَمَالُهُ الْغَائِبُ فِي مَرْحَلَتَيْنِ، وَالْمُؤَجَّلُ، وَكَسْبٌ لَا يَلِيقُ بِهِ. وَلَوِ اشْتَغَلَ بِعِلْمٍ وَالْكَسْبُ يَمْنَعُهُ .. فَفَقِيرٌ،
===

انتهى (١)، وما ذكره فيه نظر، فإن نفقة القريب واجبة مع الدين؛ كما ذكروه في الفلس، وذلك يقتضي الغنى، وإنما يصح الاحتجاج أن لو كانت نفقة القريب لا تجب مع الدين، ولهذا قال في "المطلب": الحق ما قاله البغوي، وأما الفطرة. . فمنعُ الدين لها وجه، كما قاله الإمام، ونقل الاتفاق عليه (٢)، والمرجح خلافه، كما مر في (باب زكاة الفطر) وقد نص عليه في "الأم" أيضًا بناء على أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة (٣)، ولو اعتاد السكنى بالأجرة، أو في مدرسة ولا ضرورة إلى شرائه ملكًا. . فالظاهر: خروجه عن اسم الفقر به.
(وماله الغائب في مرحلتين) بل له الأخذ حتى يصل إليه، لأنه معسر الآن، قال السبكي: ويحتاج القول بالأخذ مع ماله الغائب إلى دليل.
نعم؛ إن لم يجد من يقرضه. . جاز الأخذ، وقال الأَذْرَعي: يجوز أن يقال: إذا لم يجد من يقرضه أن يقرضه الإمام من بيت المال؛ كما قيل بمثله في نفقة اللقيط، قال: وأما إعطاؤه باسم الفقير. . فبعيد جدًّا، لأنه غني شرعًا وعرفًا.
(والمؤجل) لا يمنع الفقر أيضًا، فله الأخذ إلى حلوله، (وكسب لا يليق به) أي: بحاله ومروءته، لأنه يخل بمروءته، فكان كالعدم.
(ولو اشتغل بعلم) شرعي؛ كما قاله في"الروضة" (والكسب يمنعه. . ففقير) لأن تحصيله فرض كفاية، كذا جزم به الرافعي، وقال المصنف: هذا هو المعروف، وذكر الدارمي: أوجهًا؛ ثالثها: يستحق النجيب المرجو النفع به لا غيره، ثم قالا: وأما من لا يتأتى منه التحصيل. . فلا يعطى إن قدر على الكسب (٤)، قال السبكي: وهذا يحتمل حمله على بعض ما قاله الدارمي، أو يكون هذا فيمن لا يشتغل البتة، وذاك مشتغل.
---------------
(١) الشرح الكبير (٧/ ٣٧٦ - ٣٧٧).
(٢) نهاية المطلب (٣/ ٤٠١).
(٣) الأم (٣/ ١٦٥).
(٤) روضة الطالبين (٢/ ٣٠٨ - ٣٠٩)، الشرح الكبير (٧/ ٣٧٧).

الصفحة 678