كتاب بداية المحتاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَلَوْ عَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي .. فَلَا خِيَارَ، أَوِ الأَجْنَبِيُّ .. فَالْخِيَارُ، فَإِنْ أَجَازَ .. غَرِمَ الأَجْنَبِيُّ الأَرْشَ. وَلَوْ عَيَّبَهُ الْبَائِعُ .. فَالْمَذْهَبُ: ثبُوتُ الْخِيَارِ لَا التَّغرِيمُ. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالأَصَحُّ: أَنَّ بَيْعَهُ لِلْبَائِعِ كَغَيْرِهِ،
===

(ولو عيّبه المشتري .. فلا خيار) لحصوله بفعله، بل يمتنع بسببه الردُّ بالعيوب القديمة، وهذا بخلاف المستأجر إذا عَيَّبَ العينَ المستأجرة، والمرأة إذا جَبَّت ذكرَ زوجها .. فإن لهما الخيارَ، وفرّق في "المطلب" بأن تعييب المشتري يُنزَّل منزلة القبض، وجَبّ الذكر وهدم الدار لا يتخيل فيهما ذلك.
(أو الأجنبي .. فالخيار) لكونه مضمونًا على البائع، (فإن أجاز .. غَرِم الأجنبيُّ الأرش) لأنه الجاني.
(ولو عيبه البائع .. فالمذهب: ثبوت الخيار لا التغريم) اعلم: أن ثبوت الخيار لا خلاف فيه؛ لأن فعل البائع إما كالآفة، وإما كفعل الأجنبي، وكلٌّ منهما مثبت للخيار قطعًا، وإنما الخلاف في التغريم، والمذهب: أنه لا يثبت؛ بناء على أنه كالآفة السماوية، والثاني: يثبت؛ بناء على جعله كالأجنبي، فالصواب في التعبير: أن يقول: (ثبت الخيار لا التغريم على المذهب).
(ولا يصحُّ بيع المبيع قبل قبضه) لصحة النهي عنه (١)، ثم قيل: المنع مُعلَّل بضعف الملك؛ بدليل الانفساخ بتلفه، فلا يستفيد به ولاية التصرف، وقيل: بتوالي الضمانين على شيء واحد؛ لأنا لو نَفَّذنا البيعَ من المشتري .. لكان مضمونًا على البائع للمشتري، وإذا نفذ منه .. صار مضمونًا عليه للمشتري الثاني، فيكون الشيء الواحد مضمونًا له وعليه في عَقدين.
(والأصح: أن بيعه للبائع كغيره) مراعاة للمعنى الأول، والثاني: يجوز؛ بناء على المعنى الثاني.
ومحل الخلاف: إذا باعه بغير جنس الثمن، أو بزيادة أو نقص أو تفاوت صفة، وإلا .. فهو إقالة بلفظ البيع، قاله في "التتمة"، وأقرّاه (٢).
---------------
(١) أخرجه البخاري (٢١٢٦)، ومسلم (١٥٢٥/ ٢٩) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢) الشرح الكبير (٤/ ٢٩٦)، روضة الطالبين (٣/ ٥٠٩).

الصفحة 69