كتاب فتح الودود في شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ عَامًا، حَتَّى إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا مِنْ اعْتِكَافِهِ، قَالَ: «مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي، فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ، وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقْدَ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ مِنْ صَبِيحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ»، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى جَبْهَتِهِ، وَأَنْفِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صَبِيحَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ.
===
وكان سقف المسجد على هيئة العريش على حذف المضافين أي لم يكن سقف المسجد كسائر السقف تكن من المطر بل كان شيئًا يستظل به عن الشمس، وقوله: "فوكف المسجد" بفتح الكاف أي تقاطر: قوله: "فالتي تليها التاسعة" حاصله اعتبار العدد بالنظر إلى ما بقي لا بالنظر إلى ما مضى كما هو الشائع، بقي الإشكلال فيه من جهة فوات الوتر، وأيضًا هذا العدد يخرج الليلة التي قد تحققت مرة أنها ليلة القدر، وهي ليلة إحدى وعشرين كما في الحديث السابق، والله تعالى أعلم، إلا أن يجاب عن الأول أنها أوتار بالنظر إلى ما بقي وهو يكفي، ومقتضى الحديث السابق أن تعتبر الأوتار بالنظر إلى ما مضى فيلزم أن يسعى كل ليلة من ليال العشر الأخير لإدراكه مراعاة للأوتار بالنظر إلى ما مضى وإلى ما بقي، والله تعالى أعلم.

الصفحة 99