كتاب المخلصيات (اسم الجزء: 2)

فكيفَ صِدقُه فيكم؟ قلتُ: كُنا نُسمِّيه الأمينَ، قالَ: كيفَ الحربُ بينَكم وبينَه؟ قلتُ: سجالٌ عَلينا ولَنا، قالَ: فكيفَ وفاؤُهُ؟ قالَ أبوسفيانَ: فلم يمكني عَليه إلا هذه، فقلتُ: بَيننا وبينَه عهدٌ فلا نَدري كيفَ يكونُ وفاؤُهُ.
فقالَ: ذكرتُم أنَّ هذا الرجلَ ليسَ في بيتِ مملكةٍ، ولو كانَ في بيتِ مملكةٍ (¬1) قُلنا: خرجَ يطلبُ ما كانَ عَليه آباؤُهُ، وأمَّا قولُكم إنَّه يُدعى الأمينَ، فهو لا يكذبُ عَليكم يكذبُ على اللهِ عزَّ وجلَّ، وأمَّا قولُكم نسبُهُ في الذِّروةِ مِنا وكذلكَ الأَنبياءُ لا تُبعثُ إلا في بيتِ قومِها، وأمَّا قولُكم اتبعَهُ الضَّعفةُ، فكذلكَ أَتباعُ الأَنبياءِ، وأمَّا قولُكم لا يرجعُ مَن اتبعَه إِليكم، فكذلكَ حلاوةُ الإيمانِ إذا خالطَ بَشاشةَ القلبِ.
ثم قالَ: لإنْ كانَ ما أَخبرتَني حقّاً ليُنازعني ما تحتَ قدميَّ هاتَينِ، ولو قدرتُ أَن أتبعَهُ فأَغسلَ قَدميهِ، ثم دَعا بالكتابِ الذي جاءَ به دِحيةُ الكلبيُّ فقرأَهُ على رؤسائِهم، فَنَخروا نَخيرَ حميرِ الوحشِ وحَاصوا وارتفعَت الأصواتُ، فأَمَرَ بنا فأُخرِجْنا، فلما خافَهم قالَ: إنَّما فعلتُ ذلكَ أَختبرُكم به.
قالَ أبوسفيانَ: / فما زلتُ ذلكَ اليومَ أظنُّ أنَّه نبيٌّ حتى أَدخلَ اللهُ الإسلامَ على بَيتي (¬2) .
1777- (201) حدثنا يحيى بنُ محمدِ بنِ صاعدٍ قالَ: حدثنا عبدُاللهِ بنُ عمرانَ العابديُّ قالَ: حدثنا إبراهيمُ بنُ سعدٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن سعيدِ بنِ المسيبِ قالَ:
¬__________
(¬1) في الأصل: ملكة.
(¬2) أخرجه البخاري (7) وأطرافه، ومسلم (1773) من طريق الزهري به.

الصفحة 370