كتاب نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ت إحسان عباس (اسم الجزء: 2)

وقال ابن بشكوال (1) : إن يحيى بن يحيى كان مجاب الدعوة، وإنّه أخذ في سمته وهيئته ونفسه ومقعده هيئات مالك.
ويحكى عنه أنّه قال (2) : أخذت بركاب الليث بن سعد، فأراد غلامه أن يمنعني، فقال: دعه، ثم قال لي الليث: خدمك العلم؛ فلم تزل بي الأيام حتى رأيت مالكاً، انتهى.
3 - ومنهم القاضي أبو عبد الله محمد بن [أبي] عيسى (3)
قال في المطمح (4) : من بني يحيى بن يحيى الليثي، وهذه ثنية علمٍ وعقل، وصحة ضبط ونقل، كان علم الأندلس، وعالمها النّدس، ولي القضاء بقرطبة بعد رحلة رحلها إلى المشرق، وجمع فيها من الروايات والسماع كل مفترق، وجال في آفاق ذلك الأفق، لا يستقرّ في بلد، ولا يستوطن في جلد (5) ، ثم كرّ إلى الأندلس فسمت رتبته، وتحلّت بالأماني لبّته، وتصرف في ولايات أحمد فيها منابه، واتصلت بسببها بالخليفة أسبابه، وولاه القضاء بقرطبة فتولاه بسياسة محمودة، ورياسة في الدين مبرمة القوى مجهودة، والتزم فيها الصّرامة في تنفيذ الحقوق، والحزامة في إقامة الحدود، والكشف عن البيّنات في السر، والصّدع بالحق في الجهر، لم يستمله مخادع، ولم
__________
(1) ليس هذا النقل من الصلة إذ لم يترجم فيها ليحيى وإنما هو من تاريخ ابن بشكوال كما صرح بذلك ابن خلكان (ص: 196) .
(2) ابن خلكان: 196.
(3) ق ط ج: محمد بن عيسى، وهو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أيوب بن أبي عيسى القاضى عند الثعالبي (اليتيمة 2: 63) ومحمد بن عبد الله بن يحيى بن يحيى الليثي أبو عبد الله (عند ابن الفرضي 2: 61) وهو على أية حال من بني يحيى بن يحيى الليثي، ولي القضاء أيام الأمير عبد الرحمن بن محمد وأدرك عهد الناصر، وأصبح قاضي الجماعة بقرطبة عام 326 وكان يستعين به في السفارات، توفي سنة 339. (انظر أيضا قضاة قرطبة للخشني: 172 والمرقبة العليا: 59 والجذوة: 96 وبغية الملتمس رقم: 218) .
(4) مطمح الأنفس: 46.
(5) المطمح: في مظلومة جلد؛ والمعنى واحد، إذ المظلومة هي الأرض، والجلد: أديمها.

الصفحة 12