كتاب نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ت إحسان عباس (اسم الجزء: 2)

ابن المسيّب أن سليمان بن داود، صلى الله عليهما وسلّم، كان يركب إلى بيت المقدس فيتغدّى به، ثم يعود فيتعشّى بإصطخر، وله في الفقه كتاب الواضحة، ومن أحاديثه غرائب، قد تحلّت بها للزمان نحورٌ وترائب.
وقال محمد بن لبابة (1) : فقيه الأندلس عيسى بن دينار، وعالمها عبد الملك ابن حبيب، وراويها يحيى بن يحيى. وكان عبد الملك قد جمع إلى علم الفقه والحديث علم اللغة والإعراب، وتصرف في فنون الآداب، وكان له شعر يتكلم به متبحراً، ويرى ينبوعه بذلك متفجراً، وتوفّي بالأندلس في رمضان سنة 238 وهو ابن ثلاث وخمسين سنة بعدما جال في الأرض، وقطع طولها والعرض، وجال في أكنافها، وانتهى إلى أطرافها.
ومن شعره قوله:
قد طاح أمري والذي أبتغي ... هينٌ على الرحمن في قدرته
ألفٌ من الحمر وأقلل بها ... لعالمٍ أربى على بغيته
زرياب قد أعطيها جملةً (2) ... وحرفتي أشرف من حرفته وكتب إلى الزجاليّ (3) رسالة وصلها بهذه الأبيات:
كيف يطيق الشّعر من أصبحت ... حالته اليوم كحال الغرق
__________
(1) هو محمد بن عمر بن لبابة أبو عبد الله القرطبي الفقيه مولى عثمان بن عبيد الله بن عثمان، كان مقدما على أهل زمانه في حفظ الرأي والبصر بالفتيا مشاورا في أيام الأمير عبد الله مع بعض المشاورين ثم انفرد بالفتيا أول أيام الناصر إلا أنه لم يكن له علم بالحديث ولا ضبط لروايته (توفي سنة 314) (ابن الفرضي 2: 36) . والنقل عن ابن لبابة موجود أيضا في ابن عذاري 2: 165 وابن الفرضي 2: 177.
(2) في أصول المطمح: زرياب قد يأخذها دفعة؛ وقد سقط هذا البيت من المطمح المطبوع، وانظر الأبيات في الحذوة: 265 وطبقات الزبيدي: 283 وفيه " قد يأخذها قفلة " وإنباه الرواة.
(3) في المطمح: وكتب إلى محمد بن سعيد الترحالي، وفي طبقات الزبيدي: محمد بن سعيد الزجالي، والشعر أيضا في طبقات الزبيدي وإنباه الرواة.

الصفحة 7