كتاب نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ت إحسان عباس (اسم الجزء: 2)

نسخ البخاري الصحيحة بالمغرب إمّا من رواية الباجي عن أبي ذر عبد بن أحمد الهروي المذكور، وإمّا من رواية أبي علي الصّدفي الشهير المعروف بابن سكرة بسنده.
واعلم أن هراة المنسوب إليها الحافظ أبو ذر ليست بهراة التي وراء النهر نظيرة بلخ، وإنّما هي هراة بني شيمانة بالحجاز (1) ، وبها كان سكنى أبي ذر، والله أعلم.
رجع إلى القاضي أبي الوليد الباجي رحمه الله تعالى
ثم إنّه - أعني الباجي - قدم بغداد، وأقام بها ثلاثة أعوام يدرّس الفقه، ويقرأ الحديث، فلقي بها عدّة من العلماء كأبي الطيب الطبري والإمام الشهير أبي إسحاق الشيرازي والصّيمري وابن عمروس المالكي، وأقام بالموصل سنة مع أبي جعفر السّمناني يأخذ عنه علم الكلام؛ فبرع في الحديث وعلله ورجاله، وفي الفقه وغوامضه وخلافه، وفي الكلام ومضايقه، وتدبج مع الحافظ أبي بكر الخطيب البغدادي بحيث روى كل واحد منهما عن الآخر، رضي الله تعالى عنهما ونفع بهما. ورجع إلى الأندلس بعد ثلاث عشرة سنة بعلم جمٍّ حصّله مع الفقر والتّعفّف.
وممّا يفتخر به أنّه روى عنه حافظا المغرب والمشرق أبو عمر ابن عبد البر والخطيب أبو بكر ابن ثابت البغدادي، وناهيك بهما، وهما أسنّ منه وأكبر، وأبو عبد الله الحميدي، وعلي بن عبد الله الصقلي، وأحمد بن علي بن غزلون، وأبو بكر الطرطوشي، وأبو علي ابن الحسين السبتي، وأو بحر سفيان بن العاصي،
__________
(1) لم يذكر احد أن في الحجاز موضعا اسمه " هراة " أو قوما اسمهم بنو شيمانة وإنما أورد ياقوت في مادة " شبابة ": سراة بني شبابة من نواحي مكة ينسب إليها أبو جميع عيسى ابن الحافظ أبي ذر عبد الله بن أحمد الهروي الشبابي، حدث بهذا الموضع عن أبيه أبي ذر، روى عنه أبو الفتيان عمر بن أبي الحسن الرؤاسي، وكان يحدث سنة نيف وستين وأربعمائة.

الصفحة 71