كتاب نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ت إحسان عباس (اسم الجزء: 2)
سنة 634 بالقاهرة، ودفن بسفح المقطم كأخيه، وكان موت أبي عمرو بعد أبي الخطاب بسنة، رحمهما الله تعالى.
52 - ومنهم الكاتب أبو بكر محمد بن القاسم (1) ، من أهل وادي الحجارة، ويعرف باشكنهادة (2) ، وارتحل إلى المشرق لما نبت به حضرة قرطبة عند تقلب دولها، وتحول ملوكها وخولها، فجال في العراق، وقاسى ألم الفراق، واجتاز بحلب، وأقام بها مقام غريب لم يصف له حلب، وقال (3) :
أين أقصى الغرب من أرض حلب ... أملٌ في الغرب موصول التّعب
حنّ من شوقٍ إلى أوطانه ... من جفاه صبره لمّا اغترب
جال في الأرض لجاجاً حائراً ... بين شوقٍ وعناء ونصب
كلّ من يلقاه لا يعرفه ... مستغيثاً بين عجمٍ وعرب
لهفّ نفسي أين هاتيك العلا ... واضياعاه ويا غبن الحسب
والذي قد كان ذخراً وبه ... أرتجي المال وإدراك الرّتب
صار لي أبخس ما أعددته ... بين قومٍ ما دروا طعم الأدب
يا أحبّاي اسمعوا بعض الذي ... يتلقّاه الطّريد المغترب
وليكن زجراً لكم عن غربةٍ ... يرجع الرأس لديها كالذنب
واحملوا طعناً وضرباً دائماً ... فهو عندي بين قومي كالضّرب
ولئن قاسيت ما قاسيته ... فيما أبصر لحظي من عجب
ولقد أخبركم أن ألتقي ... بكم حتى تقولوا قد كذب
__________
(1) ترجمته في المغرب 2: 31.
(2) في المغرب: اشكهباط؛ وأعتقد أن هذا هو نفسه الذي ورد في الذخيرة 1/ 1: 195 باسم " أبو بكر المعروف باشكمياط " وقد عرضت عليه فصول لأبي عامر ابن شهيد، فقال فيها: فقر حسان إلا أنه عثر عليها، فكتب إليه ابن شهيد رسالة (الذخيرة 1/ 1: 196) .
(3) بعض هذه القصيدة في المغرب.