كتاب نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ت إحسان عباس (اسم الجزء: 2)

ولمّا دهت خيل الشقيّ فجاءةً ... وسال العدا بحراً من الموت مزبدا
شهدت بوجهٍ كالغزالة مشرقاً ... وإن كان وجه الشمس بالنّقع مربدا
عزائم صدقٍ ليس تصرف هكذا ... إلى الموت تسعى أو على الموت يعتدى وكان السيد أبو عمران المرثي قتله الميورقي (1) صاحب فتنة إفريقية في الهزيمة المشهورة على تاهرت، وجمع ابن عبد ربّه المذكور شعر السيد أبي الربيع ابن عبد الله ابن أمير المؤمنين عبد المؤمن بن علي، وكان ابن عبد ربه المذكور كاتباً للسيد أبي الربيع سليمان المذكور، ولما أنشد لبعض الشعراء (2) :
حاكت يمين الرّياح محكمةً ... في نهرٍ واضح الأسارير
فكلّما ضعّفت به حلقاً ... قام لها القطر بالمسامير أنشد لنفسه (3) :
بين الرياض وبين الجوّ معتركٌ ... بيضٌ من البرق أو سمرٌ من السّمر
إن أوترت قوسها كفّ السماء رمت ... نبلاً من الماء في زغفٍ من الغدر
لأجل ذاك إذا هبّت طلائعها ... تدرّع النهر واهتزت قنا الشجر واجتمع ابن عبد ربه المذكور في رحلته بالسعيد ابن سناء الملك، وأخذ عنه شيئاً من شعره، ورواه بالمغرب.
__________
(1) هذا الميورقي هو يحيى بن غانية، وكان السيد أبو عمران موسى والياً يومئذ على تلمسان، فاتصل كبراء زناتة فيها بيحيى بن غانية ووصفوا له ما فيه أبو عمران من ضعف وعدم استعداد، ففاجأه ابن غانية وقضى عليه وعلى أكثر من معه واقتحم مدينة تاهرت ونهبها وخربها (سنة 605) انظر ابن خلدون 6: 249، 278.
(2) هذا ما أنشده إياه صديقه عبد الواحد المراكشي، انظر المعجب: 376.
(3) من الغريب أن هذا الشعر ثابت في ديوان أبي ربيع: 140، مما قد يرجح القول بأن المالقي نحل كثيراً من شعره لهذا الأمير.

الصفحة 98