كتاب شرح مشكل الوسيط (اسم الجزء: 2)

واقتصر صاحب "التتمة" في الرداء المربَّع على التنكيس مع انقلاب الظاهر، وذكر أنه الأولى (¬1). ولم أره لغيره، وهو بعيد، بل هو - والله أعلم - غلط، وخروج عن الجديد والقديم معاً، وهو تحريف للقول (¬2) القديم؛ لأنه في القديم اقتصر على قلب الظاهر مع التحويل من اليمين إلى اليسار (¬3) احتجاجاً بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬4)، فجعل هو التنكيس بدل التحويل، فكان مخالفاً لما فعل ولما همَّ به - صلى الله عليه وسلم - ومنشأ هذا الوهم: لفظة في الحديث حملها على غير وجهها، وذلك أنه احتجَّ بحديث عبد الله بن زيد (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقى وكان عليه خميصة له سوداء، فأراد أن يأخذ أسفلها فيجعله أعلاها، فلمَّا ثقلت عليه قلبها على عاتقه). أخرجه أبو داود (¬5)، وهو حديث حسن، فحمل هذا على أنه أخذ الطرف الأسفل من شقه الأيسر فجعله على عاتقه وقال: (إنه يصيِّر الأعلى
¬__________
(¬1) لم أقف على النقل عنه فيما بين يدي من مصادر، والله أعلم.
(¬2) في (ب): القول.
(¬3) انظر: النقل عن القديم: في المجموع 5/ 86، روضة الطالبين 1/ 606، مغني المحتاج 1/ 325.
(¬4) فيما رواه عبد الله بن زيد كما سيأتي قريباً.
(¬5) في سننه كتاب الصلاة، باب جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها 1/ 688 رقم (1164)، وممن رواه كذلك النسائي مختصراً في سننه كتاب الاستسقاء، باب الحال التي يستحب للإمام أن يكون عليها إذا خرج 3/ 173 رقم (1506)، والشافعي في مسنده ص: 387، وفي الأم 1/ 418، وأحمد في المسند 4/ 41، والحاكم في المستدرك 1/ 327 وقال: "هو صحيح على شرط مسلم"، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الاستسقاء 3/ 489 رقم (6417)، قال النووي في المجموع 5/ 80: "صحيح أو حسن", وراجع: تذكرة الأخيار ل88/ أ، التلخيص الحبير 5/ 103.

الصفحة 393