كتاب الجنائز
المحتضر (¬1): الذي حضره الموت، ويستعمل هذا اللفظ عند الإطلاق في المكروه من موت وغيره (¬2)، والله أعلم.
قال: "والتعزية والبكاء" (¬3) قلت: أما التعزية فهي مؤخرة عن الدفن استحباباً (¬4). وأما البكاء فمتقدم على الموت (¬5)، حتى لقد نصَّ الشافعي على كراهيَّته بعد الموت (¬6). فيقال: كيف أخَّر ذكره مع التزامه ترتيب الوجود (¬7)؟ وجوابه: أن البكاء لم يذكر مع هذه الأشياء لكونه قسيماً لها؛ فإنه غير مأمور به، وإنما يُذكر تبعاً للتعزية في بابها؛ لأن التعزية تصبير عن البكاء ومنع من أسبابه (¬8)، فتأخر عنها في الذكر لذلك، والله أعلم.
¬__________
(¬1) قال الغزالي: "كتاب الجنائز: والنظر فيه يتعلق بآداب المحتضر، وبغسل الميِّت ... القول في المحتضر: من أشرف على الموت فليستقبل به القبلة". أهـ الوسيط 2/ 803.
(¬2) انظر: الصحاح 2/ 634، النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 399 - 400، لسان العرب 3/ 216.
(¬3) الوسيط 2/ 803. وقبله: والنظر فيه يتعلق بآداب المحتضر، وبغسل الميَّت، وتزيينه، وتكفينه، وحمل جنازته، والصلاة عليه، ودفنه، والتعزية ... إلخ
(¬4) انظر: التهذيب ص: 814، المجموع 5/ 306، مغني المحتاج 1/ 355.
(¬5) يعني استحباباً، وإلا فهو جائز قبل الموت وبعده. انظر: التهذيب ص: 815، فتح العزيز 5/ 254 - 255، المجموع 5/ 307.
(¬6) نصُّ الشافعي في الأم 1/ 468: "وأرخص في البكاء بلا أن يتأثر، ولا أن يعلن إلا خيراً، ولا يدعون بحرب قبل الموت، فإذا مات أمسكن". أهـ
(¬7) حيث قال: "فيجرى فيه على ترتيب الوجود اعتباراً". الوسيط 2/ 803.
(¬8) انظر: الزاهر ص: 91 - 92، المصباح المنير ص: 155.