أداه مع ذلك على الراحلة (¬1). وسئلت عن ذلك بنيسابور - حرسها الله تعالى وسائر بلاد الإسلام وأهله - فأجبت: بأن الاستدلال بذلك وقع على نفي وجوبه على العموم، كما صار إليه أبو حنيفة (¬2). فنقول: لو كان واجباً على المكلفين على العموم لما جاز أداؤه على الراحلة كسائر الواجبات التي هي على العموم، وقد جاز أداؤه على الراحلة (¬3) بدلالة فعله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يكون (¬4) واجباً على العموم، ولا أثر للنزاع في (¬5) التسمية (¬6) التي لا مستند لها عند التحقيق إلا اصطلاح مجرد أريد به الفرق بين المقطوع بلزومه، وغير المقطوع. وهذا الذي قررته حاكم بالإبطال على ما رأيته من بعد (من) (¬7) حكاية الروياني (¬8) صاحب "البحر" عن والده (¬9) من قدحه في الاستدلال المذكور، وقوله: لم يدل ذلك على نفي وجوبه عنه، فلأن لا يدل على نفي وجوبه عن غيره أولى، والله أعلم.
¬__________
(¬1) روى الشيخان عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسبِّح على الراحلة قِبَلَ أي وجه توجه، ويوتر عليها ... الحديث) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب تقصير الصلاة، باب ينزل أي من الدابة - للمكتوبة 2/ 669 رقم (1098)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز صلاة النافلة على الدابة حيث توجَّهت 5/ 210.
(¬2) مروي عن أبي حنيفة ثلاث روايات في الوتر: فرض، واجب، سنة. انظر: المبسوط 1/ 155، بدائع الصنائع 1/ 270، حاشية ابن عابدين 2/ 439.
(¬3) قوله: (كسائر ... الراحلة) سقط من (ب).
(¬4) سقط من (ب).
(¬5) في (أ): على.
(¬6) هذا جواب على اعتراض مقدَّر وهو: لو اعترض حنفي بأن الوتر واجب، وليس بفرض. فالجواب ما ذكره المؤلف. والله أعلم
(¬7) زيادة من (أ) و (ب).
(¬8) انظر النقل عنه في: التنقيح ل 92/ أ.
(¬9) وهو إسماعيل بن الشيخ أبي العباس أحمد بن محمَّد بن أحمد الروياني الطبري، قال الأسنوي: تكرر ذكره في الرافعي ... ولم أقف له على تاريخ الوفاة. انظر ترجمته في: طبقات الأسنوي 1/ 565.