كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)

148 و كان خيّرا ساكنا، قليل الغضب، حتى يقال: إنه لم يسمع منه أحد طول نيابته بمصر و حلب، كلمة سوء، و كان للملك به جمال.
و كان له حنوّ على ابن الوكيل، و أبى حيّان، و ابن سيّد الناس، و غيرهم. انتهى.
و أرغون هذا، هو الذى أمر بحفر نهر السّاجور، و إجرائه إلى حلب، و جمع الناس على ذلك، و اجتهد فيه بحيث كمل فى نحو ستة أشهر، و أنفق عليه جملة من المال، و كان يوم وصوله يوما مشهودا، و كان قبل أرغون هذا بعض النّوّاب قصد سوقه إلى حلب، كما فعل أرغون، فقيل: من ساقه يموت من عامه. فتأخّر عنه، و قيل مثل ذلك لأرغون، فقال: لا أرجع عن خير عزمت عليه.
فقدّر الله تعالى أنه مرض، و مات من عامه، سنة إحدى و ثلاثين و سبعمائة، رحمه اللّه تعالى.
و أنشد القاضى شرف الدين الحسين بن ريّان، فى إجراء نهر السّاجور، قوله 1 2

لمّا أتى نهر السّاجور قلت له
كم ذا التّأخّر من حين إلى حين 3

فقال أخّرنى ربّى ليجعلنى
من بعض معروف سيف الدّين أرغون

و أنشد القاضى بدر الدين حسن بن حبيب 4:

قد أضحت الشّهباء تثنى على
أرغون فى صبح و ديجور 5

من نهر السّاجور أجرى بها
للناس بحرا غير مسجور

و بالجملة، فقد كان من خيار الحكّام، و محاسن ولاة الأنام.
و لمّا مات، رحمه اللّه تعالى، كان عمره نحو الخمسين، و دفن فى تربته التى أنشأها بسوق الخيل بين بابى القوس 6.
***

1) الساجور: اسم نهر بمنبج، هكذا يذكر ياقوت فى معجم البلدان 2/ 8، و قد ذكر ابن تغرى بردى، و ابن حجر، أن أرغون أجراه إلى حلب.
2) البيتان فى: النجوم الزاهرة 9/ 289، و روض المناظر 12/ 170.
3) فى النجوم: «ماذا التأخر».
4) البيتان أيضا فى النجوم الزاهرة 9/ 289، و روض المناظر 12/ 170.
5) فى النجوم: «قد أصبحت الشهباء».
6) فى ط، ن: «السوق»، و المثبت فى: س، و روض المناظر.

الصفحة 148