كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)

154 أخذ الفقه عن الحسن بن زياد اللّؤلؤىّ، و عن الهيثم بن موسى، صاحب أبى يوسف.
و له مذاهب اختارها، و انفرد بها.
و كان حسن العلم باللغة، و النحو، و الشعر، و صنّف كتابا فى الفقه، سماه «المتضادّ» و «كتابا فى القراءات»، و صنّف فى غير ذلك من أنواع العلم.
و كان سمحا، سخيّا، يأخذ من أرزاقه بمقدار القوت، و يفرّق ما يبقى بعد ذلك على ولده، و أهله، و الأباعد، و يفرّق فى أيام كلّ فاكهة شيئا كثيرا منها، و كان له غلام و بغل يستقى الماء و يصبّه لقراباتهم.
و حدث أحمد بن يوسف الأزرق، عن عمّه إسماعيل بن يعقوب، عن عمه البهلول بن إسحاق، قال: استدعى المتوكل أبى إلى سرّ من رأى، حتى حدّثه، و سمع منه، و قرئ له عليه حديث كثير، ثم أمر فنصب له منبر، فكان يحدّث عليه، و حدّث بالمسجد الجامع بسرّ من رأى، و فى رحبة زيرك، بالقرب من باب الفراعنة، و أقطعه إقطاعا مبلغه فى كلّ سنة اثنا عشر ألفا، و رسم له صلة بخمسة آلاف درهم فى السنة، فكان يأخذها، و أقام إلى أن قدم المستعين باللّه بغداد، فخاف أبى من الأتراك أن يكسبوا الأنبار، فانحدر إلى بغداد عجلا، و لم يحمل معه شيئا من كتبه، فطالبه محمد بن عبد اللّه بن طاهر 1 أن يحدّث، فحدّث ببغداد من حفظه بخمسين ألف حديث، و لم يخطاء فى شاء منها.
و قال ابن الأزرق: حدّثنى القاضى أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول، قال: تذاكرت أنا و محمد بن صاعد، ما حدّث به جدّى ببغداد، فقلت له: قال لى أنيس المستملى: حدّث أبو يعقوب بن إسحاق بن البهلول ببغداد، من حفظه بأربعين ألف حديث.
فقال لى أبو محمد بن صاعد: لا يدرى أنيس ما قال، حدّث إسحاق بن البهلول، من حفظه ببغداد، بأكثر من خمسين ألف حديث/.

1) فى الأصول: «ظاهر»، و هو خطأ، لأن الذى كان يتولى أمر بغداد آنئذ، هو محمد بن عبد اللّه بن طاهر الخزاعى، المتوفى سنة ثلاث و خمسين و مائتين. و انظر تاريخ بغداد 6/ 368.

الصفحة 154