كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)
176 «الأنساب» للرّشاطىّ، و أضاف إليها «زيادات الأنساب» لابن الأثير، اختصاره من كتاب أبى سعد ابن السّمعانىّ.
و لم يزل على حالته حتى ولى القاضى شمس الدين الطّرابلسىّ، فاتّفق له معه شاء، فامتنع من النّيابة، إلى أن قدّر أن استدعاه الملك الظاهر، فخلع عليه، و فوّض إليه قضاء الحنفيّة، فباشره بصلابة، و نزاهة، و عفّة، و تشدّد فى الأحكام، و فى قبول الشهادة، و لم يتّفق أنه عدّل/من الشهود أحدا فى مدّة ولايته، إلاّ اثنين، و أبغضه الرّؤساء، لردّ رسائلهم.
و ذكر بعض من يعرفه أنه قد حصل له فى المنصب بعض خمول، و انقباض من الناس عنه، و ذلك بسبب أنه كان يزهو بنفسه، و يرى أن المنصب دونه، لما كان عنده من الاستعداد، و لما فى غيره من النّقص فى العلم و المعرفة، فانعكس أمره لذلك، و اشتهر عنه أنه كان إذا رأى المكتوب عرف حاله من أوّل سطر بعد البسملة غالبا.
و كان عزله من المنصب، فى شعبان، سنة ثلاث و تسعين و سبعمائة، فانصرف إلى منزله بالسّيوفيّة، و أقام فيه بطّالا، و لكنه يشغل الطلبة، و يحضر الوظائف التى كانت بيده قبل القضاء، و ضاق حاله، و تعطّل إلى نسى كأن لم يكن شيئا مذكورا.
و كان الظاهر يتفقّده بالصّدقات، فلمّا مات الظاهر كفّ بصره، و ساءت حاله إلى الغاية.
و مات فى شهر ربيع الأول، سنة اثنتين و ثمانمائة.
و كان كثير النظم، جيّد الوزن فيه، إلا أنه لم يكن بالماهر فى عمله، و له أشياء كثيرة من قسم المقبول، كقوله 1:
لا تحسبنّ الشّعر فضلا بارعا
ما الشعر إلاّ محنة و خبال
فالهجو قذف و الرّثاء نياحة
و العتب ضغن و المديح سؤال 2
***
1) البيتان فى: الضوء اللامع 2/ 287، رفع الإصر 1/ 120.
2) فى الضوء: «و الرياء نياحة»، و فى رفع الإصر: «فى الهجو قذف».