كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)

222 و كان تثليث المشترى و القمر، فدرّس ذلك اليوم، و أقبل عليه صرغتمش إقبالا عظيما، فقدّر أنه لم يعش بعد ذلك سوى سنة و نصف، بل أقلّ من ذلك.
قال ابن حجر: و كان لمّا قدم دمشق صلّى مع النائب، و هو يلبغا، فرأى إمامه رفع 1 يديه عند الرّكوع و الرّفع منه، فأعلم الإتقانىّ يلبغا، أنّ صلاته باطلة على مذهب أبى حنيفة، فبلغ ذلك القاضى تقىّ الدين السّبكىّ، فصنّف «رسالة فى الرّدّ عليه»، فوقف عليها، فجمع «جزءا»، فى إثبات 2 ما قاله، و أسند ذلك عن مكحول النّسفىّ أنه حكاه عن أبى حنيفة، و بالغ فى ذلك، إلى أن أصغى إليه النائب، و عمل بقوله.
قال: و اختصّ بصرغتمش، و أشار عليه بأن قصر مدرسته على الحنفيّة دون غيرهم، و كان شديد التّعاطم، متعصّبا لنفسه جدّا، حتى قال فى «شرحه» للأخسيكثىّ: لو كان الأسلاف فى الحياة، لقال أبو حنيفة: اجتهدت. و لقال أبو يوسف: نار البيان أوقدت. و لقال محمد:
أحسنت. و لقال زفر: أتقنت. و لقال [الحسن] 3: أمعنت. و استمرّ هكذا، حتى ذكر أعيان الحنفيّة.
و قال الصّفدىّ، فى ترجمته: كان متعصّبا على الشّافعيّة، متظاهرا بالغضّ منهم، يتمنّى تلافهم، و اجتهد فى ذلك بالشّام، فما أفاد، و دخل مصر، و هو/مصرّ على العناد، و كان شديد الإعجاب 4.
و شرح «الهداية» شرحا حافلا، و حدّث ب‍ «الموطّأ» رواية محمد بن الحسن، بإسناد نازل 5.
و قال ابن حبيب: كان رأسا فى مذهب أبى حنيفة، بارعا فى اللغة و العربية، كثير الإعجاب بنفسه، شديد التّعصّب على من خالفه.
قلت: لا يخفى على من عنده أدنى تأمّل، و وقف على مؤلفّات الإتقانىّ، أنّ ما ذكره ابن حجر، و نقله عن الصّفدىّ و غيره، فى حقّ الشيخ، أنه كان من المجمع على علمه،

1) فى الدرر: «يرفع».
2) فى الدرر: «تبيين» و فى حاشيته: «تثبيت».
3) تكملة من الدرر الكامنة.
4) آخر قول الصفدى، كما جاء فى الدرر.
5) بعد هذا فى الدرر زيادة: «جدا».

الصفحة 222