كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)

23 فتكلّم القاضى أبو الطيّب على الفصل الأوّل، بأن قال: قصدى بما أوردتك من المطالبة بتصحيح الوصف، و المطالبة فى الدّلالة عليه من جهة الشّرع، (1 و أنّ الحكم تابع له، غير أنّى كشفت عن طريق الشّرع 1) له، و قلت: إذا كان الحكم يثبت مع وجود هذه العلّة، و يثبت مع عدمها، لم يكن ذلك علّة فى الظّاهر، إلاّ أن يدلّ/الدليل على أنّ هذا الوصف مؤثّر فى إثبات هذا الحكم فى الشّرع، فحينئذ يجوز أن يعلّق الحكم عليه، و متى لم يدلّ الدليل على ذلك، و كان الحكم ثابتا مع وجوده و مع عدمه 2، و ليس معه ما يدلّ على صحّة اعتباره، دلّ على أنه ليس بعلّة.
و ما ذكره الشيخ الجليل من علّة الرّبا، و قوله: إنها إحدى العلل. فليس كذلك، بل هى و غيرها من معانى الأصول سواء، فلا معنى لهذا الكلام، هو حجّة عليك، و ذلك أنّ الناس لمّا اختلفوا فى تلك العلل، و ادّعت كلّ طائفة معنى، طلبوا ما يدلّ على صحّة ما ادّعوه، و لم يقتصروا فيها على مجرّد الدّعوى، فكان يجب أن يعمل فى علّة الرّجعيّة مثل ذلك؛ لأنّ هذا تعليل أصل مجمع عليه، فكما وجب الدّلالة على صحّة علّة الرّبا وجب أن يدلّ أيضا على صحّة علّة الرّجعيّة.
و أمّا جريان الرّبا مع الأثمان، مع عدم علّة الأربعة، فعلّة أخرى، تثبت بالدليل، و هى علّة الأثمان.
و أمّا فى مسألتنا، فلم يثبت كون العدّة علّة فى وقوع 3 الطلاق، فلم يصحّ تعليق الحكم عليها.
و أما الفصل الثانى فلا يصحّ، و ذلك أنك ادّعيت أنّ الأصول كلّها معلّلة، و هى دعوى تحتاج أن يدلّ عليها، و أنا لا أسأله 4؛ لأنّ الأصل المعلّل عندى ما دلّ عليه الدليل.

1 - 1) ساقط من: ط، ن، و هو فى: ص، و طبقات الشافعية.
2) فى طبقات الشافعية 5/ 38: «علته».
3) فى طبقات الشافعية: «فرع».
4) فى طبقات الشافعية 5/ 39: «أسلمه»، و فى بعض نسخها ما يوافق ما هنا.

الصفحة 23