كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)

247 فتوقّف عن الحكم، فظنّ أهل مصر أن توقّفه لأجل المصرىّ، فسئل فى خلوة عن ذلك، فقال: المصرىّ على عدالته، و لكن السّبب البصرىّ، و ذكر منه أمرا رآه فى الصّغر، و قال:
لا تطيب نفسى إذا ذكرت ذلك أن أقبل شهادته.
و قيل 1: إنه ذكر أنه أكل معه أرزا فى سمن، فنفد العسل الذى من ناحية بكّار، ففتح من جهة صاحبه حتى جرى إليه، فقال له (أَ خَرَقْتَهاا لِتُغْرِقَ أَهْلَهاا) 2.
فقال: له بكّار: أتهزأ بالقرآن فى مثل هذا!
فبقيت فى نفسه عليه.
و كان بكّار 3 فى غاية العفاف، و سلامة الصّدر، اتّفق أنه دخل عليه بعض أمنائه، و هو مخرّق الثّياب، فقال: بعثنى أحفظ تركة فلان، فصنع بى جاره هذا.
فقال: أحضروه.
فأحضره الأعوان، فقال له بكّار: أنت صنعت هذا بأمينى 4؟
قال: نعم.
فقال: خذوه.
فأخذه الأعوان، فسقط ميّتا، فدهش بكّار، فقال له أمناء القاضى: هذا عمله 5 اليوم، مات مرتين.
فاستوى الرجل جالسا، فقال: كذبوا و الله، ما متّ إلاّ الساعة. و رقد.
فجعل بكّار يرشّ عليه ماء الورد، و يشمّه 6 الكافور، و يرفق به، و يعده، إلى أن قام فصرفه، و أقبل على أعوانه، فقال: هدّدتموه و جررتموه، فلو وافق أجله!.

1) رفع الإصر 1/ 146.
2) سورة الكهف 71.
3) رفع الإصر 1/ 147.
4) فى الأصول: «أنت منعت هذا يا مساء»، و المثبت فى رفع الإصر، و لكل من الروايتين محمل، و ربما تصحفت واحدة عن الأخرى.
5) ضبطت فى رفع الإصر بفتح العين و كسر الميم، على أنه فعل.
6) فى الأصول: «و يشممه»، و المثبت فى رفع الإصر.

الصفحة 247