كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)
250 و لمّا غضب أحمد بن طولون 1 على بكّار سجنه، و كان السّبب فى ذلك أنه لمّا خرج إلى قتال الموفّق بسبب المعتمد، حين ضيّق و هو ولىّ العهد على أخيه المعتمد 2، و هو الخليفة حينئذ، حتى إنه لم يبق للمعتمد إلا الاسم، ضاق المعتمد بذلك، فكاتب أمراء الأطراف، فوافقه أحمد بن طولون، و واعده أن يحضر إليه، و يحمله معه إلى مصر، و يجعلها دار الخلافة، و يذبّ عنه من يخالفه فى ذلك، فتهيّأ المعتمد لذلك، و اهتمّ أحمد بأمره، فبلغ الموفّق، فنصب لأحمد الحرب، و صرّح بعزله و لعنه، فصرّح أحمد بخلع الموفّق من ولاية العهد، و أمر بلعنه، و خرج أحمد بالعسكر من مصر، و استصحب بكّارا.
فلمّا كان بدمشق، جاء كتاب المعتمد إلى ابن طولون بخلع الموفّق من ولايته العهد، ففعل، و أجاب القضاة كلّهم إلى خلعه، و سمّاه بكّار النّاكث، و أشهد على نفسه هو و سائر قضاة الشّام و الثّغور.
و طلب منهم أحمد أن يلعنوا الموفّق، فامتنع بكّار، فألحّ عليه، فأصرّ على الامتناع حتى أغضبه.
و كان قبل ذلك مكرّما معظّما عنده، عارفا بحقّه، و كان يجيزه فى كلّ سنة بألف دينار، فلمّا غضب عليه أرسل إليه: أين جوائزى؟
فقال: على حالها.
فأحضرها من منزله بخواتيمها ستة عشر كيسا، فقبضها أحمد منه 3.
ثم لم يزل عليه فى لعن الموفّق، و هو يمتنع من إجابته، إلى أن قال يوما لأحمد: (أَلاا لَعْنَةُ اَللّاهِ عَلَى اَلظّاالِمِينَ) 4.
فقال علىّ بن الحسين بن طباطبا نقيب الطالبيّين بمصر: أيّها الأمير، إنه عناك.
فغضب أحمد، و أمر بتمزيق ثيابه، و جرّوه برجله و ليس عليه إلاّ سراويل و خفّان و قلنسوة، و هو مسلوب الثّياب 5، فضربه رجل بعود حديد على رجله الممدودة، فقال: أوه.
1) رفع الإصر 1/ 151 - 153، و انظر الولاة و القضاة 478.
2) فى رفع الإصر بعد هذا زيادة: «بذلك».
3) بعد هذا فى رفع الإصر فضل بيان.
4) سورة هود 18.
5) بعد هذا فى رفع الإصر فضل بيان.