كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)

252 ثم كان بكّار إذا حضر مجلس المظالم للمناظرة يعاد إلى السّجن إذا انقضى المجلس، و كان يغتسل فى كلّ يوم جمعة، و يلبس ثيابه، و يجاء إلى باب السّجن، فيردّه السّجّان، و يقول: اعذرنى أيّها القاضى، فما أقدر على إخراجك.
فيقول: اللهم اشهد.
فبلغ ذلك أحمد، فأرسل إليه: كيف رأيت المغلوب المقهور لا أمر له و لا نهى، و لا تصرّف له فى نفسه، لا يزال هكذا حتى يرد علىّ كتاب المعتمد بإطلاقك.
و لمّا طال حبس بكّار 1 طلب أصحاب الحديث إلى أحمد أن يأذن لهم فى السّماع منه 2، فكان يحدّثهم من طاق السّجن، فأكثر من سمع منه فى آخر عمره كان كذلك.
قال ابن زولاق: ثم أمر ابن طولون بنقل بكّار من السّجن إلى دار اكتريت له عند درب 3 الصّقلّىّ، فأقام فيها.
فلمّا مات أحمد بن طولون بلغ بكّارا، فقال: ما للنّاس؟!
قيل: انصرف أيّها القاضى إلى منزلك، فقد مات أحمد.
فقال: الدّار بأجرة، و قد صلحت لى.
و عاش بعد ابن طولون أربعين يوما، و مات فى تلك الدّار، و كانت جنازة حافلة جدّا، و ما رؤى أحد فيها راكبا، و صلّى عليه ابن أخيه محمد بن الحسن بن قتيبه، و دفن بطريق القرافة.
و الدّعاء عند قبره مستجاب، و مات يوم الخميس، لخمس بقين من ذى الحجّة، سنة سبعين و مائتين، و قد قارب التسعين، و كانت مدة ولايته أربعا و عشرين سنة، رحمه اللّه تعالى، و رضى عنه، و نفعنا ببركاته، آمين.
***

1) رفع الإصر 1/ 154.
2) تكملة من رفع الإصر.
3) فى ن: «دار»، و المثبت فى: س، ط، و رفع الإصر.

الصفحة 252